______________________________________________________
ووجه هذا القول : أن الافتراق بين المتعاقدين يتحقق بمفارقة مجلس العقد ، وتباعدهما بعده عن الحالة التي كانا عليها ، فالعاقد عنهما يعتبر فيه الممكن من ذلك ، وهو مفارقة مجلس العقد ، إذ مفارقة نفسه غير معقولة.
ويضعف ، بأنّ الواقع في الحديث هو الافتراق ، لا مفارقة مجلس العقد ، حتى أن مفارقته من دون الافتراق لا أثر لها.
الثاني : الثبوت ، وإنما يسقط بالالتزام بعد العقد أو اشتراط السقوط فيه ، ووجه الثبوت في الموضعين : ظاهر قوله عليهالسلام : « البيعان بالخيار » (١) فإنه يعم البائعين بوكيلهما ، أو وليهما ، وقوله : « ما لم يفترقا » إنما يصلح لاخراجهما ، إذا أريد به عدم الملكة ، أعني : عدم الافتراق عما من شأنه الافتراق ، فان ذلك غير صادق في الشخص الواحد ، وهو غير متعين ، لاحتمال ارادة السلب ، لا عدم الملكة عنه.
الثالث : عدم الثبوت أصلا ، حملا للحديث على عدم الملكة ، وقد عرفت ما فيه.
والذي يجب أن يحقق في الحديث : أنّ البيعين إن أريد بهما : العاقدان لأنفسهما لم يعم الوكيلين ولا الموكلين ، وإن أريد بهما : مالك المبيع ومالك الثمن لم يطابق أول الحديث آخره ، إلا إذا كان المالكان هما العاقدان ، لأن قوله :« ما لم يفترقا » لا يصدق في المالكين ، إذا كان العاقدان غيرهما ، لانه يصير معناه حينئذ : البيّعان بالخيار ما لم يفترق العاقدان ، وهو غير ظاهر ، إلا أن يدعى وجود القرينة الدالة على مرجع هذا الضمير ، وهي ذكر طروء الافتراق المقتضي لسبق عدم الاجتماع للعقد ، أو يقال : الحديث دال على حكم المالكين المتعاقدين ، لأنه الغالب ، وحكم ما إذا كان العاقد وكيلا لهما مستفاد من خارج.
أما العاقد الواحد فلا دليل يدل على ثبوت الخيار معه ، وبناء ذلك على أن الواقع في الحديث عدم ملكه غير ظاهر ، لأنه لا ينتظر ذلك في عبارة الحديث
__________________
(١) الكافي ٥ : ١٧٠ حديث ٦ ، التهذيب ٧ : ٢٤ حديث ١٠٠.