والسابق على الرجوع أيضا.
ففيه ، أنّ اللازم من ذلك وإن كان ما ذكر من الحكم بصحّة ما بنى على فساده وبفساد ما بنى على صحّته ، وهكذا ، واستلزامه للحرج والعسر والأصعبيّة كما لا يخفى على الخبير المنصف ، إلّا أنّ اقتضاء الرجوع للحكم بما ذكر كذلك واستلزام القول به له في حيّز المنع جدّا.
كيف ؟ ولم يقل به أحد فيما أعلم ؛ مضافا إلى منافاته لهذه العمومات وغيرها من الأدلّة.
وإن شئت توضيح ذلك ، فاعلم أنّ الأحكام الشرعيّة الثابتة لموضوعاتها المتعلّقة بأفعال المكلّفين باعتبار ترتّب آثارها الخارجيّة عليها حال التعلّق على أقسام :
منها : ما يقتضي الدوام والاستمرار والاستدامة مطلقا ، كالعتق المتعلّق بالمملوك حيث يقتضي الحرّيّة وأحكامها المترتّبة عليها على سبيل الدوام والاستمرار ما دام الحياة ، وكالرضاع ونحوه من الأسباب الموجبة لتحريم النكاح المؤبّد ، وكبعض أقسام الوقف.
ومنها : ما يقتضي الدوام والاستمرار ما لم يمنع عنه مانع شرعيّ ، ككثير من أقسام العقود والإيقاعات الصحيحة حيث يترتّب عليها آثارها المترتّبة عليها بعنوان الدوام والاستمرار إلّا إذا طرأ مانع من الموانع الشرعيّة ، كالطهارة والحدث والنجاسة والحلّيّة والحرمة المتعلّقة بالأعيان.
ومنها : ما لا يقتضي الدوام والاستمرار ، ككثير من العبادات والأحكام المتعلّقة بالحدود والقصاص والديات والنذور والعهود والمطاعم والمشارب والمكاسب والصيد والذباحة ونحوها ، حيث يترتّب عليها آثارها المترتّبة عليها ، ولكن لا بعنوان الدوام.
ومن البيّن أنّ الفتوى أيضا تختلف باختلافها من حيث الدوام والاستمرار مطلقا ، أو ما لم يمنع عنه مانع شرعيّ وعدمهما ، وتنقسم بانقسامها إلى الثلاثة ، ويلزم ذلك