ذكرى بعض خدماته الشريفة
لقد صرف المصنّف رحمهالله عمره الشريف ـ بعد رجوعه إلى مدينة همدان ـ في الخدمة لدين الله وخلقه من جهات مختلفة ، فلمّا نزل بها توجّه أهلها إليه ، وكانوا يدعوه لإقامة الجماعة بمسجد الجامع بعد وفاة إمام جماعته العالم المجتهد الميرزا السيّد عبد المجيد الكروسي ( ت ١٣١٨ ق ) ، فكان أقام الجماعة ، وتولّى موقوفاته ، ثمّ أخذ بعمران المسجد وتجديد بنائه بإعانة المؤمنين ، وأحدث عليه قبّة مع منارتين ، وصنع في حياطه حوضا ، ونقل أنّه بعد تولية المسجد أحيا بعض موقوفاته كماء القناة ، فأعادها بعد ما تصرّفه بعض عدوانا. (١)
وكان رحمهالله يهتمّ بإحياء الحدود الإلهيّة وإجرائها في همدان ، وقد نقل أنّه حكم بقتل رجل فاجر فاسق في مقبرة الميرزا تقي ، وتولّى بنفسه لإجراء هذا الحكم في اجتماع الناس ، فانتزع رداءه رافعا لكمّيه وضرب مرّة فانقطع الرأس. (٢)
ومن المعروف أنّه كان من رجال المشروطة بهمدان حتّى قيل : إنّ عمدة شهرته كانت من جهة دوره في نهضة المشروطة وكونه من دعاتها ، وله مبارزات سياسيّة مستمرّة فيها ، وصنّف أيضا في ذلك كتابا سيأتي ذكره ، وحكي أنّ بيته بهمدان كان مركز الاجتماعات للمبارزين في قيام المشروطة. (٣)
وحكي أيضا أنّ بعض حكّام الهمدان كان يظلم ويجور على الناس ، فالتجأ الناس بإرسال تلغراف إلى طهران عاصمة الحكومة ، ومع ذلك لم يهتمّ به أحد ولم يؤثّر ذلك ، فاجتمعوا وتحصّنوا عند الاستخبارات ، ومضى مدّة ولم يحصلوا على مأمولهم ؛ لمساعدة أركان الحكومة للحاكم وكونه من أياديهم ، وهدّدهم بأن يتفرّقوا منه
__________________
(١) تاريخ همدان للسيّد علي دعوتي ، ص ٢٥٤ ـ ٢٦٧.
(٢) انظر : بزرگان وسخن سرايان همدان ، ج ٢ ، ص ٥١ ؛ كتاب النور في الإمام المستور ، مقدّمة التحقيق ، ص ١١.
(٣) انظر : كتاب النور في الإمام المستور ، مقدّمة التحقيق ، ص ١٣ ؛ دانشنامه جهان اسلام ، ج ٤ ، ص ٧٢٠ ؛ دائرة المعارف تشيّع ، ج ٣ ، ص ٥١٥.