وإلى قول عثمان : إذا قلت في كتاب الله برأيي. (١)
وإلى قول عمر : أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي. (٢)
وإلى قول ابن عبّاس : رؤساء جهّالا يقيسون برأيهم. (٣)
فإنّ كلّ هذه تنادي بأنّهم لا يكادون يعرفون شيئا ، وكان جميع فتاويهم بالرأي حتّى أنّهم استغنوا عن الأحاديث.
وهذا غير القياس المستجمع للشرائط ، بل هو يسمّى تمثيلا كما مضى ، ولو سمّي قياسا فلا بأس به ، فإنّ « رمع » (٤) اسم للمنكر والمعروف ، والقرء اسم للحيض والطهر ، وأين المنكر من المعروف والحيض من الطهر مع أنّ الاسم واحد ؟
وكذلك لفظ « القياس » اسم للتمثيل المقبول المعروف ، والقول بالرأي المردود المنكر ؛ والله أعلم فإنّا ما شهدنا إلّا بما علمنا ، وما كنّا للغيب حافظين.
خاتمة
في الاجتهاد والتقليد
نخبة :
المجتهد – ويرادفه الفقيه ـ من كان عنده من العلوم العربيّة والمنطق والاصول والتفسير والحديث والرجال والمعرفة بمواقع الإجماع عن غيرها ، وانس بلسان الفقهاء ، وقوّة على ردّ الفرع إلى الأصل وهي العمدة في هذا الباب ، وتحصل باستقامة الفهم وجودة النظر المعبّر عنهما عند الأصحاب بالقوّة القدسيّة.
__________________
(١) المستصفى للغزالي ، ص ٢٨٩ ؛ المحصول للرازي ، ج ٥ ، ص ٧٥ ؛ الأحكام لابن حزم ، ج ٦ ، ص ٧٧٩ ؛ البرهان للزركشي ، ج ٢ ، ص ١٦٢ ؛ كنز العمّال ، ج ٢ ، ص ٣٢٧. وفي كلّها عن أبي بكر.
(٢) سنن الدارقطني ، ج ٤ ، ص ٨٣ ؛ فتح الباري ، ج ١٣ ، ص ٢٤٥ ؛ الأحكام لابن حزم ، ج ٦ ، ص ٧٨٠ ؛ الاحكام للآمدي ، ج ٤ ، ص ٤٦ ؛ المستصفى للغزالي ، ص ٢٨٩ ؛ المحصول للرازي ، ج ٤ ، ص ٤٣٣.
(٣) معارج الأصول ، ص ١٩٣ ؛ المحصول للرازي ، ج ٥ ، ص ٧٧.
(٤) هو مقلوب « عمر » .