الأخيرين ، ومن البيّن أنّه يلزم حينئذ رفع اليد عن الامور المتعلّقة بالمعاد ، كما لا يخفى ، وهل هذا إلّا الملازمة المدّعاة ؟
أمّا بطلان اللازم : فلقوله سبحانه : ﴿ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ. ﴾(١)
مضافا إلى العقل والإجماع ، بل الضرورة الحاكمة بالبطلان ، وببطلان نقض الفرض ونقيضه ، وببطلان خراب الدنيا وفساد الحرث والنسل ؛ فتدبّر.
الوجه الثالث : أنّه لو لا الأمر كذلك ، لزم إمّا القول بسقوط التكليف بالإضافة إلى العامي رأسا ، وإمّا القول بوجوب الاحتياط عليه ، ووجوب البناء عليه ، وإمّا البناء على أصالة البراءة عن التعبّد بالأحكام ، وإمّا القول بالتخيير بينهما ولو في الجملة ، وإمّا التوقّف ، وإمّا العمل بالظنّ من أيّ شيء حصل ، وإمّا التكليف بما لا يطاق ، وإمّا العسر والحرج الشديدان ، وإمّا الضرر ، وإمّا ترجيح المرجوح على الراجح ، وإمّا الترجيح بلا مرجّح ، وإمّا ارتكاب الضرر المظنون أو المقطوع ، واللازم بجميع شقوقه باطل ، فكذا الملزوم.
أمّا الملازمة : فظاهرة ؛ إذ من البيّن أنّ بعد سدّ باب التقليد ، إمّا أن يكون العامي مكلّفا بشيء من الأحكام ، أم لا ؟
فعلى الثاني ، يلزم سقوط التكليف والتعبّد بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، كما لا يخفى.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يكون الواجب عليه حينئذ تحصيل العلم بالأحكام الشرعيّة والتعبّد بها ، أم لا ، فعلى الأوّل يلزم التكليف بما لا يطاق ، بالإضافة إلى كثير من الأشخاص وفي أغلب الأحوال ؛ لتعذّر تحصيل العلم بها بالإضافة إلى المجتهدين غالبا ، فبالإضافة إلى غيرهم من المكلّفين يكون متعذّرا بطريق أولى ، كما لا يخفى.
ويلزم أيضا بالإضافة إلى المعظم وفي أغلب الأحوال العسر والحرج الشديدان
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٠٥.