مقدّمة الواجب
بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين (١)
اعلم أنّ قدماء الاصوليّين أطلقوا الخلاف في أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به وكان مقدورا فهو واجب ، والمتأخّرون لم يقبلوا هذا الإطلاق ، وقسّموا الواجب إلى مطلق ومشروط ، وفسّر محقّقوهم المطلق بما لم يقيّد (٢) وجوبه بما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك ، والمشروط بما قيّد وجوبه بما يتوقّف عليه وجوده من حيث هو كذلك (٣) .
واعتبرت الحيثيّة للإشارة إلى أنّ الإطلاق والتقييد يعتبران بالنسبة إلى المقدّمة المخصوصة ، فيجوز أن يكون الواجب الواحد مطلقا ومقيّدا بالنسبة إلى مقدّمتين كصلاة الجمعة ؛ فإنّها بالنسبة إلى العدد ـ المشروطة هي به المقدور عليه بالتماس مثلا ـ مقيّدة ، وبالنسبة إلى السعي مطلقة ، فيجب تحصيل الثاني دون الأوّل ، فإطلاق (٤) وجوب ما لا يتمّ الواجب غير صحيح ؛ لدخول مقدّمة المقيّد فيه. (٥)
وأجاب بعض المحقّقين عنه بأنّ إطلاق الواجب على المشروط قبل تحقّق شرط وجوبه مجاز ؛ لأنّ [ إطلاق ] اسم الفاعل لما سيقع مجاز إجماعا ، (٦) فلا تدخل في
__________________
(١) ب : ـ وبه نستعين.
(٢) ألف : لا يقيّد.
(٣) انظر : قوانين الاصول ، ج ١ ، ص ١٠٠ ؛ هداية المسترشدين ، ص ١٩٥ ؛ نهاية الأفكار ، ج ١ ، ص ٢٧٠ ؛ أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٢٢٠ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٢٩٢ ؛ نهاية الاصول ، ص ١٥٧ ؛ المحصول للرازي ، ج ٢ ، ص ١٩١ ؛ الإحكام للآمدي ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ المستصفى للغزالي ، ص ٥٧ ؛ المنخول للغزالي ، ص ١٨٥.
(٤) ألف وب : فإطلاقهم.
(٥) في حاشية الأصل : « عدم وجوبه » تفسيرا للضمير.
(٦) انظر للمزيد في المسألة : هداية المسترشدين ، ص ١٩٥ ؛ كفاية الاصول ، ص ١٠٠ ؛ محاضرات في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٣٢٥.