مرحبا بإضافتك وإكرامك وإنعامك فقد أذيتنا وأطعمتنا النّجاسة ، ولم يقرب بعد ذلك يده إلى الطّعام. (١)
وكان شيخنا الفقيه المتبحّر السيّد صدر الدين الموسوى العاملى ، عامله الله بلطفه الخفي والجلي ، يذكر لي أنّ في تلك الأيّام كنت هناك ، فكان صاحب الرياض يضيق عليه الأمر في المناظرة في مسائل الفقه والاصول ، حيثما يجده ، وكان رحمهالله يقول لي : تكلّم مع هذا الرجل فيما يريده من المسائل حتّى تعلم أنّه ليس بشيء ، وإنّى أجدك أفضل منه يقينا ، أو ما يكون قريبا من هذا الكلام. قلت : ولا يبعد صحّة كون اعتقاد صاحب الرياض في حقّه كذلك ؛ وذلك لأنه رحمهالله كان قليل الحافظة جدّا ، ولا بدع له في ذلك ، لما ورد في النبوى المشهور أنّ أقلّ ما اوتيت هذه الامة قوّة الحافظة وصباحة المنظر ، ومن الظّاهر أنّ هذه الصّفة متى وجدت في الإنسان كانت منسية مراتب فهمه وفضيلته ومغشيّة مواهب ذهنه وقريحته وإن كان هو علّامة وقته ، ومحقّق سلسلته وقبيلته ، ولا يكاد يحصل له تقدّم في المناظرات ، أو يتبيّن له ترفع في المحاورات بخلاف من وجد فيه خلاف هذه الصفة وغلبت حافظته العالية على قوّة المتصرّفة ، فإنّه يصير في الأغلب اعجوبة في المناظرات وشهرة عند الناظرين في الأسباب الظاهرة.
ولذا حكي عنهما أيضا أنّ في مجلس من مجالس الجدل بينهما جعل السيّد يتجلّد على الميرزا رافعا صوته عليه جاثيا إليه بركبتيه ويقول له : قل حتّى أقول ! فأجابه الميرزا رحمهالله بصوت خفيض ونداء غير عريض اكتب حتّى أكتب ! (٢)
المؤلّف والشيخ أسد الله التستري :
قال الخوانساري في ترجمة الشيخ أسد الله التستري :
ونقل أنّ الأمير سيّد عليّ المرحوم صاحب رياض المسائل كان لا يقول بعدالته
__________________
(١) حكاه التنكابني في قصص العلماء ، ص ١٧٦ بنحو آخر.
(٢) روضات الجنات ، ج ٥ ، ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤.