الموافقة للأحاديث التي يأتي بعضها إن شاء الله.
فأوّل إجماع وقع من هذا القبيل ـ من غير حجّة ودليل ـ اتّفاقهم على بيعة أبي بكر ، فقد قال به الوف كثيرة حتّى مضت له مدّة (١) طويلة لا يقدر أحد على التصريح بالقدح فيه ، فالعجب ممّن ينكره ثمّ يقول بمثله ، بل بما دونه ، كما لا يخفى.
وقد صار ذلك الإجماع إماما للإجماعات الباطلة ، ومقتدى للاتّفاقات المخالفة للشريعة ، ولا يكاد يوجد بعده إجماع أكثر قائلا منه ، ومع ذلك لا خفاء في بطلانه ولا شبهة في فساده ؛ لعدم مستند له ونصّ يوافقه ، بل وجود النصّ على نقيضه ، وإنّما كان بناؤه على الآراء والأهواء.
فظهر أنّه لا بدّ من إثبات سند للإجماع (٢) من نصّ عليه ، خاصّ أو عامّ ، يدلّ على حجّيّته ، كما هو ثابت في القسم الأوّل من الثاني ، وستعرفه إن شاء الله.
وأصحابنا الإماميّة لمّا ثبت عندهم بطلان الإجماع الذي من هذا القبيل ، قالوا على سبيل المماشاة للعامّة : إنّ الإجماع لو كان حجّة ، لكانت (٣) حجّيّته باعتبار اشتماله على قول المعصوم ؛ لأنّ الزمان لا يخلو منه.
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمهالله في كتاب العدّة :
ذهب المتكلّمون بأجمعهم والفقهاء بأسرهم (٤) إلى أنّ الإجماع حجّة ، وحكي عن النظّام وجعفر بن حرب وجعفر بن مبشّر أنّهم قالوا : الإجماع ليس بحجّة ، واختلف من قال إنّه حجّة ؛ فمنهم من قال : إنّه حجّة من جهة السمع (٥) دون العقل ، ثمّ اختلفوا : فذهب داود وكثير من أصحاب الظاهر إلى أنّ إجماع الصحابة هو الحجّة دون غيرهم من أهل الأمصار ، وذهب مالك ومن تابعة إلى
__________________
(١) الف : ـ له مدّة.
(٢) الف : الإجماع.
(٣) الف : لكان.
(٤) في المصدر : + على اختلاف مذاهبهم.
(٥) في المصدر : واختلف من قال إنّه حجّة ، فمنهم من قال إنّه من جهة العقل ، وهم الشذاذ ، وذهب الجمهور الأعظم والسواد الأكثر إلى أنّ طريق كونه حجّة من جهة السمع.