البحث الثاني
فيما يتعلّق به من الآداب
ولنذكره في ضمن مسائل :
الاولى : قال شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ في المنية : ينبغي للمستفتي أن يتأدّب مع المفتي ويبجّله في خطابه وجوابه ونحو ذلك ، ولا يومئ بيده إلى وجهه.
ولا يقل له : ما تحفظه في كذا وكذا ، ولا إذا أجابه : هكذا فهمت ، أو : وقع لي ، أو نحو ذلك ، ولا : أفتاني فلان أو غيرك بهذا أو بخلافه ، ولا : إن كان جوابك موافقا لما كتب فاكتب ، وإلّا فلا.
ولا يسأله وهو قائم ولا مستوفز. (١) ولا مشغول بما يمنعه من تمام الفكر. ولا يطالبه بدليل ، ولا يقل : لم قلت كذا ؟ فإن أحبّ أن تسكن نفسه بسماع الحجّة ، طلبها في مجلس آخر ، أو في ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجرّدة. (٢) انتهى.
وهو جيّد ، ويعضده أيضا ما يدلّ على رجحان تعظيم شعائر الله. مضافا إلى ما دلّ على حرّيّة الرجال أو العلماء ، ولعلّه يأتي إلى بعضها الإشارة.
الثانية : إذا أراد جمع خطّ المفتين في ورقة واحدة ، فالأولى البداءة بالأعلم فالأعلم ، ثمّ بالأورع ، ثمّ بالأعدل ، ثمّ بالأسنّ ، وهكذا ، على ترتيب المرجّحات في الإمامة.
ولو أراد إفراد الأجوبة في رقاع ، بدأ بمن شاء ، ولتكن رقعة الاستفتاء واسعة ، ليتمكّن المفتي من استيفاء الجواب واضحا ، لا مختصرا مضرّا بالمستفتي.
كذا قاله أيضا في المنية ، (٣) ولا بأس به.
الثالثة : له أن يستفتي بنفسه ، وأن يبعث ثقة يعتمد عليه أو رقعة ، وله الاعتماد على خطّ المفتي إذا أخبره عدل أنّه خطّه ، أو كان يعرف خطّه ولم يشكّ في كون ذلك
__________________
(١) استوفز ، في قعدته : إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئنّ. لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٤٣٠ ( وفز )
(٢) منية المريد ، ص ٣٠٦.
(٣) المصدر.