اختلاف التقليد والعمل بها للمقلّد أيضا ، وانقسامهما أيضا إلى الثلاثة.
فإذا كان التقليد من القسم الأوّل ، فمقتضاه حيثما وقع صحيحا ترتّب آثاره المترتّبة عليه دائما ، فمن قلّد المفتي الحيّ الجامع للشرائط حال الحياة في مسألة العتق ، أو مسألة من الامور الموجبة لتحريم النكاح المؤبّد ، فأعتق مملوكا ، او أوقع نكاح المحرّمة كذلك بمقتضى فتوى المفتي مثلا ، انعتق هذا المملوك ، وفسد هذا النكاح دائما ، فلو قلّد بعد حياته من أفتى ببطلان مثل هذا العتق وصحّة هذا النكاح وحلّيّته فيهما ، لزمه البناء عليهما بالإضافة إلى ما يريد بعد ذلك من مثل هذا العتق وصحّة هذا النكاح وحلّيّته ، ولا يلزمه الحكم ببطلان ما فعل من العتق ، ولا الحكم بصحّة ما أوقع من النكاح ، لما مرّت إليه الإشارة سابقا ، من العمومات وغيرها من الوجوه القويّة.
نعم ، لو علم بعد البناء على فتوى المفتي الثاني بخطإ المفتي الأوّل اتّجه اللزوم بالإضافة إلى الحكم الوضعي المترتّب عليه خاصّة ، كما مرّ.
وإن كان التقليد من القسم الثاني ، فمقتضاه حيثما وقع صحيحا ترتّب آثاره المترتّبة عليه ما لم يمنع مانع شرعيّ كذلك ؛ لذلك.
وإن كان من القسم الثالث ، فمقتضاه حيثما وقع صحيحا ترتّب آثاره المترتّبة عليه لا دائما ، فمن قلّد المفتي الجامع للشرائط حال حياته في مسألة عدم وجوب السورة في الصلاة ، فصلّى بدونها ، ومسألة عدم نجاسة الخمر مثلا ، فصلّى معها ، ثمّ مات هذا المفتي ، وقلّد من أفتى بوجوب السورة ونجاسة الخمر ، وأراد الصلاة ، وجب عليه الصلاة مع السورة والطهارة عن الخمر ، ولكن حينئذ لا يجب عليه إعادة هذه الصلاة ولا قضاؤها وإن وجب عليه حينئذ غسل ما لاقى الخمر حال كونه مقلّدا لهذا المفتي لو أفتى بوجوبه المفتي الحيّ ؛ لكونه حينئذ محكوما عليه شرعا بالنجاسة ، وإن كان الأمر في المثال بالعكس انعكس ما قلناه من الحكم كما قلناه.
وممّا ذكر ظهر سند المنع المدّعى ، وبطلان الاقتضاء المذكور. كما ظهر أيضا عدم لزوم الحرج والعسر والصعوبة على المختار ، من وجوب الرجوع إلى فتوى الحيّ