نعم ، لو لا ذلك لاتّجه الصحّة ؛ للعموم أو الإطلاق الآتي الدالّ على الصحّة ، فتنبّه.
وهل يختصّ ذلك بصورة التمكّن من المفتي الجامع للشرائط ؟ فيصحّ للمستفتي في صورة عدم التمكّن منه العمل بفتواه مع استكماله سائر الشروط ، أم لا ، بل يعمّ الصورتين ؟ فيه إشكال. وسيأتي الكلام فيه بعد ذلك إن شاء الله سبحانه.
[ الثالث ] : الإسلام ، فلا يصحّ فتوى الكافر بجميع أقسامه مطلقا ، بلا خلاف ظاهر أجده فيه ، بل لعلّه موضع وفاق كما في ظاهر بعض العبائر (١) ، وعن صريح مجمع الفائدة (٢) .
وهو الحجّة ؛ مضافا إلى الأصل والاستصحاب ؛ والعمومات المانعة من نقض اليقين بغيره ، ومن العمل بغير العلم (٣) ، والنافية للاستواء بين أصحاب النار وأصحاب الجنّة (٤) ، وبين الأعمى والبصير (٥) ، ونحوها.
مضافا إلى النهي عن الركون إلى الظالم (٦) ؛ وما دلّ على عدم صحّة فتوى غير العادل والمخالف (٧) ، أو فحواه ؛ فتأمّل.
نعم ، لو أسلم واستكمل سائر شروط الفتوى صحّ فتواه قطعا ؛ لما سيأتي.
وهل يختصّ ذلك بصورة التمكّن من المفتي الجامع للشرائط ، أم لا ، بل يعمّها وصورة عدمه أيضا ؟ فيه إشكال تأتي الإشارة إلى وجهه مع ما هو الصواب فيما بعد إن شاء الله سبحانه.
__________________
(١) انظر منية المريد ، ص ٢٨٩.
(٢) حكاه عنه في مفاتيح الأصول ، ص ٦١١ ؛ وهو في مجمع الفائدة والبرهان ، ج ١٢ ، ص ٦.
(٣) كقوله تعالى في الآية ٣٦ من سورة الإسراء : ﴿ وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ... ﴾
(٤) كقوله تعالى في الآية ٢٠ من سورة الحشر : ﴿ لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ﴾ .
(٥) كقوله تعالى في الآية ٥٠ من سورة الأنعام : ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ... ﴾ وقوله تعالى في الآية ٥٨ ، من سورة غافر : ﴿ وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ... ﴾
(٦) كقوله تعالى في الآية ١١٣ من سورة هود : ﴿ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ. ﴾
(٧) انظر وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٠٦ ، ح ٣٣٣٣٤.