الفصل الثاني عشر
في ذكر القرائن المقترنة بأحد الإجماعين المدّعيين وبالأحاديث
المجمع عليها وغيرها بحيث يتعيّن المصير إليها
قد ظهر لك أكثر أقسام القرائن من المرجّحات السابقة ، وعرفت بعض ما يدلّ عليها ، وأنا أذكر هنا جملة من قرائن الدالّة على صحّة الكتب المنقول منها الأحاديث المذكورة التي هي سند الإجماع ، وذلك وجوه قد أوردها صاحب الفوائد المدنيّة فقال :
الوجه الأوّل من الوجوه الدالّة على صحّة أحاديث الكتب الأربعة وأمثالها باصطلاح قدمائنا : أنّا نقطع قطعا عاديا بأنّ جمعا كثيرا من ثقات أصحاب أئمّتنا ـ ومنهم الجماعة الذين أجمعت العصابة على أنّهم لم ينقلوا إلّا الصحيح باصطلاح قدمائنا ـ أنّهم صرفوا أعمارهم في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة في أخذ الأحكام عنهم ، وتأليف ما يسمعونه منهم ، وعرض المؤلّفات عليهم ، ثمّ التابعون لهم تبعوهم في طريقتهم ، واستمرّ هذا المعنى إلى زمن الأئمّة الثلاثة قدسسرهم.
الثاني : أنّا نعلم أنّه كانت عند قدمائنا اصول في زمن أمير المؤمنين عليهالسلام إلى زمن الأئمّة الثلاثة كانوا يعتمدون عليها في عقائدهم وأعمالهم ، ونعلم علما عاديا أنّهم كانوا متمكّنين من استعلام حال تلك الاصول وأخذ الأحكام عنهم بطريق القطع واليقين ، ونعلم أنّهم كانوا عالمين بأنّه مع التمكّن من القطع واليقين في أحكام الله تعالى لا يجوز الاعتماد على ما ليس كذلك ، وأنّهم لم يقصّروا في ذلك ، واستمرّ هذا المعنى إلى زمن الأئمّة الثلاثة ، فعلم أنّ تلك الأحاديث كلّها صحيحة باصطلاح القدماء.
الثالث : أنّ مقتضى الحكمة الربّانيّة وشفقة سيّد المرسلين والأئمّة بالشيعة أن لا يضيع من كان في أصلاب الرجال منهم ، وتمهّد لهم اصول معتمدة يعملون بما فيها في زمن الغيبة الكبرى.
الرابع : تواتر الأخبار بأنّهم عليهالسلام أمروا شيعتهم بتأليف ما يسمعونه منهم وضبطه