[ تنبيهات ]
إذا عرفت ذلك إجمالا فلا بأس بالتنبيه على امور :
الأوّل : فهل يثبت الحكم المزبور مع تطرّق احتمال حرمة الفعل المحتمل استحبابه ؟ والمراد هنا الحرمة من غير جهة التشريع ؛ إذ من المعلوم انتفاؤه فيما نحن فيه ؛ فإنّ الغرض إتيان الفعل إمّا للاحتياط في إصابة الواقع ودرك احتمال الاستحباب ، أو العمل بأخبار من بلغ ، وعلى أيّ الفرضين لا يكون العمل إدخال ما ليس من الدين في الدين ، كما لا يخفى.
ولا فرق في ذلك بين كون منشأ الاحتمال وجود معارض للخبر مثله ، أو شهرة ، ونحوهما.
فقد يقال : ـ بناء على الاعتماد إلى الاحتياط وأدلّته ـ لا يمكن الحكم باستحباب الفعل ضرورة المعارضة ، ومساواة احتمال الحرمة والاستحباب ، هذا بناء على كون المراد من الاحتياط الأخذ بالأوثق ، (١) وإلّا ففي تلك الصورة أيضا قد يقدّم أحد الاحتمالين من باب الاحتياط في دفع الضرر وجلب المنفعة والأخذ بالأتمّ.
وهذا وإن لم يكن احتياطا مصطلحا إلّا أنّه ممّا يصحّ الاتّكال إليه في حكم المورد ، وإن كان يشكل نيّة التقرّب بمجرّده.
وكيف كان فقد يقال : إنّ مقتضى ذلك تقديم احتمال الحرمة تقوية لجانب دفع المفسدة ، وأولويّته من جلب المنفعة.
وهو محلّ إشكال في نفسه ، والمفسدة محتملة لا محقّقة ، وإنّ أهل العرف لا يقدّمون دفع الضرر مطلقا ، بل يلاحظ هو بالنسبة إلى المنفعة المحتملة من حيث
__________________
(١) انظر : رياض المسائل ، ج ٤ ، ص ٤٤٨ ؛ مفاتيح الاصول ، ص ٣٤٧ ؛ الرسائل الفقهيّة للشيخ الأنصاري ، ص ١٥٥ ؛ وغيرها.