أو قلنا بمقالة المحقّق القمي من أنّ الظهورات حجّة لمن قصد إفهامه من الكلام ، فيدخل العمل بها لغير المشافهين تحت العمل بالظن المطلق ، وقد عرفت عدم صحّة ما ذكر.
المقدمة الثالثة
لا يجوز إهمال الوقائع المشتبهة على كثرتها وترك التعرض لامتثالها بإجراء البراءة في جميعها ، ومع أنّ المقدمة قطعية كما قالها المحقّق الخراساني ، لكن الشيخ الأنصاري استدل عليها بوجوه ثلاثة :
أ : الإجماع القطعي على أن ليس المرجع على تقدير انسداد باب العلم وعدم ثبوت الدليل على حجّية أخبار الآحاد بالخصوص ، هو البراءة وإجراء أصالة العدم في كلّ حكم ، بل لابدّ من إمتثال الأحكام المجهولة بوجه ما ، وهذا الحكم وإن لم يصرح أحد به من القدماء بل المتأخرين في هذا المقام ، إلا أنّه معلوم للمتتبع في طريقة الأصحاب بل علماء الإسلام طراً.
ب : انّ الرجوع في جميع تلك الوقائع المشتبهة حكمها إلى نفي الحكم ، مستلزم للمخالفة القطعية المعبر عنها في لسان جمع من مشايخنا بالخروج عن الدين بمعنى انّ المقتصر على التدين بالمعلومات التارك للأحكام المجهولة ، جاعلاً لها كالمعدومة يكاد يعد خارجاً عن الدين لقلّة المعلومات وكثرة المجهولات.
ج : لا يجوز الرجوع إلى البراءة من جهة العلم الإجمالي بوجود الواجبات والمحرمات ، فانّ أدلّة البراءة مختصة بغير هذه الصورة.
والفرق بين الوجهين الأخيرين واضح ، وهو انّ أوّل الوجهين مبني على عدم جواز المخالفة القطعية الكثيرة المعبر عنها بالخروج عن الدين ، وهو محذور