التنبيه الثالث : التسامح في أدلّة السنن
ولنقدم أُموراً :
١. في السير التاريخي للمسألة
اشتهرت بين الأصحاب مسألة : « التسامح في أدلّة السنن » ويراد منها انّه لا يعتبر في ثبوتها والعمل بها ، ما يشترط في ثبوت غيرها كالواجبات والمحرمات من كون الراوي ثقة ضابطاً ، بل يكفي وروده ولو عن طريق ضعيف والمسألة معنونة في كلمات الفريقين ، غير انّهم يعبِّرون عن المسألة بقولهم : « العمل بالخبر الضعيف في فضائل الأعمال » وقد ألمع إليها الشهيد ( ٧٣٤ ـ ٧٨٦ هـ ) في الذكرى ، وابن فهد الحلي ( المتوفّى ٨٤١ هـ ) في عدة الداعي ، والشهيد الثاني ( المتوفّى ٩٦٦ هـ ) في درايته ، وبهاء الدين العاملي ( المتوفّى ١٠٣٠ هـ ) في أربعينه ، إلى أن وصلت النوبة للشيخ الأنصاري ، فألّف رسالة مستقلة فيها طبعت في آخر كتاب المتاجر له. وأدرجها تلميذه الشيخ موسى التبريزي في حاشيته على الفرائد ، باسم « أوثق الوسائل » فلاحظ.
٢. وجود ملاكات مختلفة في المسألة
وهل المسألة أُصولية أو فقهية ، أو كلامية لكلّ وجه ولا يترتب ثمرة لذلك ، فلو كان الكلام مركزاً على عدم اعتبار شرائط الحجية في العمل بالسنن المروية ، بل يكفي مجرّد ورود الخبر ، فالمسألة أُصولية ، ولو كان الكلام دائراً حول ثبوت الاستحباب بمجرّد الورود ، وإن لم يكن مطابقاً للواقع بتصور عروض مصلحة غير إلزامية على الفعل عند ذاك ويكشف عنها ترتّب الثواب على الفعل ، تكون المسألة فقهية ، وأمّا إذا كان الكلام حول ثبوت الثواب وعدمه تكون المسألة كلامية.