الثالث : في ارتكاب الشبهة احتمال المضرّة
هذا هو الدليل الثالث للأخباريين وحاصله : انّ دفع الضرر المحتمل واجب.
وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني بوجهين :
١. التفريق بين محتمل المفسدة ، وقطعيّها ، فالواجب دفعها هو الثاني دون الأوّل.
٢. انّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد النوعية ، دون النفع والضرر الشخصيين ، ولو استقل العقل بدفع الضرر المحتمل ، لا يستقل بدفع المفسدة المحتملة ، لأنّ الأوّل على فرض وجوده شخصي والثاني نوعي.
وقد استوفينا البحث في هذا الدليل عند البحث في حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فليرجع إليه.
بقيت هنا تنبيهات جاءت في كلام الأعلام ونحن نقتفيهم :
التنبيه الأوّل : في حكومة الأصل الموضوعي على الحلية
إنّ أصالة البراءة أو الحلية وغيرهما من الأُصول الحكمية إنّما تجريان إذا لم يكن في المورد أصل موضوعي ينقح حال الموضوع وتكون نسبتهما إليه نسبة الأصل المسببي إلى السببي ، وإلا يكون الأصل الموضوعي مقدماً على الحكمي تقدَّم الأصل السببي على المسببي ، وعلى ذلك فتقدّم الأصل الموضوعي على أصالتي البراءة والحلية ، من فروع قاعدة كلية وهي تقدّم الأصل الموضوعي على الأصل الحكمي مطلقاً ، سواء كان الأصل الحكمي هو البراءة أو الحلية أو غيره.
مثلاً إذا غاب الزوج وترك زوجته وشككنا في حياته ، فهنا أصلان وإن كانا متوافقي المضمون : أحدهما : استصحاب حياته وهو أصل موضوعي جار في