بالدليل الصحيح من علائم الإيمان كما أنّ المراد من الحديث الثاني هو التفريق بين الوعد والوعيد ، فانّ الأوّل لازم الوفاء دون الثاني فهو ناظر إلى مسألة كلامية فالمعتزلة على لزوم الوفاء بالوعيد مثل الوعد ، والإمامية على خلافهم.
نعم روى ابن فهد في عدّة الداعي عن غير طرقنا مرفوعاً إلى جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من بلغه من اللّه فضيلة فأخذ بها إيماناً باللّه ، ورجاء ثوابه أعطاه اللّه ذلك وإن لم يكن كذلك ». (١)
هذا ما وقفنا عليه من الروايات وإنّما المهم دراسة دلالتها ، وتحقيق مضامينها ، وقد اختلفت كلمتهم في تفسيرها إلى وجوه واحتمالات لا يساعد أكثرها الفهم العرفي ، فنذكر المهم.
١. نظرية الشيخ الأنصاري
وحاصل نظريته : انّ هذه الأخبار لا تدل إلا على ثبوت الأجر للعامل ، ولا يدل على استحباب العمل ، وبالتالي لا يمكن تصحيح العمل العبادي المردّد بين الاستحباب وغير الوجوب بهذه الأخبار.
ثمّ إنّه قدسسره أخذ في توضيح مقصوده وقال : إنّ الظاهر من هذه الأخبار كون العمل متفرعاً على البلوغ ، وكونه الداعي على العمل ، ويؤيّده تقييده في غير واحد من تلك الأخبار بطلب قول النبي والتماس الثواب الموعود ، ومن المعلوم انّ العقل مستقل باستحقاق هذا العامل ، المدحَ والثواب وحينئذ إن كان الثابت في تلك الأخبار ، هو أصل الثواب كانت مؤكدة لحكم العقل بالاستحقاق ـ إلى أن قال : ـ وإن كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب البالغ كما هو ظاهر بعضها فهو وإن كان مغائراً لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا العمل ، إلا
__________________
١. عدة الداعي : ١٣.