وهذه هي مشاورته الثانية في معركة أُحد حيث شاور أصحابه ، ليقف على كيفية مجابهة المشركين وأُسلوب الدفاع عن الإسلام فأدلوا بآرائهم ، فمن طائفة تصرّ على أن لايخرج المسلمون من المدينة ويدافعوا عنها متحصنين بها ، إلى أُخرى ترى ضرورة مجابهة المشركين خارج المدينة. (١)
إلى غير ذلك من مشاوراته المنقولة في كتب التاريخ كمشاورته في معركة الأحزاب وغيرها.
ومن تتبع المشاورات التي أجراها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أصحابه في التاريخ يقف على حقيقة ، وهي : انّنا لا نكاد نعثر على وثيقة تاريخية تثبت أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاورهم في أُمور الدين والفتيا ، بل كانت تلك المشاورات تتم في أُمور الدنيا ولما فيه صلاح أُمورهم.
أدلّة عدِّ الإجماع من مصادر التشريع
ثمّ إنّك بعد الوقوف على ما ذكرنا ـ من أنّ الإجماع ليس من مصادر التشريع ، وإنّما العبرة فيه قابلية كشفه عن الواقع وإصابته ، وهذا يختلف باختلاف مراتب الإجماع كما سبق ـ في غنى عن البرهنة على حجّية الإجماع ، وإنّما يقوم به من رأى أنّ نفس الإجماع بما هو إجماع من مصادر التشريع ، فاستدلوا بآيات :
الآية الأُولى : قوله سبحانه : ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبيلِ المُؤْمِنينَ نُولِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ). (٢)
__________________
١. مغازي الواقدي : ١ / ٢١١.
٢. النساء : ١١٥.