والإجابة عنه واضحة ، لأنّ الآية ناظرة فيما يحتاج إلى البيان ، على وجه لولاه لما وقف عليه الإنسان ولما كان واضحاً له. وأين هذا من المستقلات العقلية؟! أضف إليه انّه مبيّن بالرسول الباطني وإن لم يكن مبيّناً بالرسول الظاهري.
وربما ذكرنا علم انّ الآية وافية لما يرومه الأُصولي في المقام ، نعم إنّما يتم الاعتماد عليها إذا لم يرد بيان على لزوم الاجتناب ، ولو بالعنوان الثانوي كإيجاب الاحتياط والتوقف.
الآية الثانية : التكليف فرع الإيتاء
قال سبحانه : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَة مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفساً إِلاّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللّهُ بَعَدَ عُسْر يُسْراً ). (١)
والاستدلال مبني على كون المراد من الموصول : التكليف ، ومن الإيتاء هو الإعلام والتعريف ، فيكون معنى الآية لا يكلّف اللّه نفساً إلا تكليفاً أعلمها إيّاه.
أقول : إنّ الموصول في قوله : ( إلا ما آتاها ) يحتمل أحد الأُمور الثلاثة :
١. المال.
٢. العمل ، أي موضوع التكليف.
٣. التكليف.
فعلى الأوّل يكون المراد من الإيتاء هو الإعطاء ، وكأنّه قال : « لا يكلّف اللّه نفساً إلا بقدر المال الذي أعطاها ».
وعلى الثاني يكون المراد من الإيتاء هو الإقدار والتمكين ، فيكون المراد لا يكلّف اللّه نفساً إلا الفعل الذي أقدرها عليه.
وعلى الثالث يكون المراد من الإيتاء هو الإعلام والتعريف.
__________________
١. الطلاق : ٧.