٢. المرفوع هو الأثر المناسب
إنّ المتبادر من الوضع والرفع في محيط التشريع هو ما يعدُّ أثراً مناسباً للشيء فمع وجود الخصيصة الظاهرة للشيء يُحسن الاخبار عن وضعها ، ومع عدمها يحسن الاخبار عن عدمها ، ولأجل ذلك صحّ للشاعر أن يقول :
« أسد عليّ وفي الحروب نعامة ».
كما صحّ للإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أن يصف المتقاعدين عن الجهاد بقوله :
« يا أشباه الرجال ولا رجال ». (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما يصحّ إذا كان الأثر المناسب للشيء ، أمراً واحداً يدور عليه رحى الوضع والرفع ، كما هو الحال في الأسد ، وأمّا إذا كانت للشيء آثار متعددة وكلّها بالنسبة إلى الشيء على حدّ سواء فلا معنى لجعل واحد منها ملاكاً للرفع ، دون بعض كما في المقام.
٣. المرفوع هو عموم الآثار
إنّ وصف الشيء بكونه مرفوعاً في صفحة التشريع ، إنّما يصحّ إذا كان الشيء فاقداً للأثر مطلقاً فيصحّ للقائل بأنّه مرفوع ، وإلا فلو كان البعض مرفوعاً دون بعض لا يصحّ ادّعاء كونه مرفوعاً ، من غير فرق بين الآثار التكليفية كحرمة شرب الخمر ووجوب جلده ، أو الوضعية كالجزئية والشرطية عند الجهل بحكم الجزء والشرط أو نسيانهما وكالصحّة في العقد المكره.
ويؤيّد ذلك ، إطلاق الحديث أوّلاً ، وكونه حديث المنّة ، ومقتضاها رفع تمام الآثار ثانياً ، ومقتضى صحيحة البزنطي ثالثاً.
__________________
١. نهج البلاغة : الخطبة ٢٧.