الملاك إنّما يستكشف من خطاب المولى ، ومع عدمه ، كما في الخروج القطعي عن محلّ الابتلاء ، ومع الشكّ فيه ، كما في المقام ، لا علم لنا بوجود ملاك قطعي لازم الإحراز ، فلعلّ للقدرة العادية تأثيراً في تمامية الملاك كما هو الحال في القدرة الشرعية كما في الاستطاعة.
التنبيه الثالث : في الشبهة غير المحصورة
خصّص المحقّق الخراساني التنبيه الثالث لبيان حال الشبهة غير المحصورة ، وكان الأولى عليه أن يخصصه بملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة ، ثمّ يخوض بعد إنهاء البحث عن المحصورة في بيان حكم غير المحصورة.
وإنّما جعل ذلك لنكتة ، وهو انّ كون الأطراف محصورة أو غير محصورة لا يؤثر في نظر المحقّق الخراساني بل الملاك عندئذ فعلية التكليف وعدمها ، فعلى الأوّل يتنجّز الحكم الواقعي من غير فرق بين المحصورة وغيرها.
ثمّ أفاد : إنّ كثرة الأطراف ربّما تكون سبباً لعسر الموافقة القطعية في المحرّمات والواجبات ، أو طروء ضرر ، أو خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء كما هو الحال في قلّة الأطراف المعبّر عنها بالمحصورة. وعلى كلّ تقدير فليس الميزان كثرة الأطراف أو قلّتها ، بل فعلية التكليف وعدمها ، لأجل طروء العناوين الثلاثة ولو شكّ في عروض واحد منها ، فالمتبع هو إطلاق الدليل.
هذا ما أفاده ، ولذلك لم يولِ لغير المحصورة من الشبهة عناية وافرة خلافاً للآخرين.
ولكن تحقيق الكلام يتوقّف على البحث في مقامين :
١. ما هو المعيار لكون الشبهة غير محصورة ، وما هو حدّها؟
٢. ما هو حكمه من التنجّز وعدمه ، على فرض صدق الحد؟