وأمّا المحذور الراجع إلى المبادي كالإرادة والكراهة ، فمثلاً لو فرضنا انّ الأمارة قامت على وجوب الحرام ، فالكراهة متعلّقة بالمتعلّق كالعصير العنبي ، والإرادة متعلّقة بتطبيق العمل على الأمارة ونفس السلوك ، وبهذا الجواب تندفع جميع المحاذير : الملاكية والخطابية والمبادئية.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني أورد على هذا الجواب إيرادين :
الأوّل : لو كانت الأحكام الواقعية أحكاماً انشائية يلزم عدم وجوب امتثالها لو قامت الأمارة عليها ، وذلك لأنّ جوهر الحكم الواقعي لما كان إنشائياً ، فقيام الأمارة لا يحدث شيئاً سوى انّه قام على حكم واقعي إنشائي غير لازم الامتثال.
الثاني : كيف يمكن التوفيق بذلك مع احتمال وجود أحكام فعلية بعثية أو زجرية في موارد الطرق والأُصول العملية ، المتكفلة لأحكام فعلية ضرورة انّه كما لا يمكن القطع بثبوت المتنافين كذلك لا يمكن احتماله ، فلا يصحّ التوفيق بين الحكمين بالتزام كون الحكم الواقعي الذي يكون لولا الطرق إنشائياً ، غير فعلي. (١)
يلاحظ على الأوّل : أنّ الإشكال مبني على كون الحكم الواقعي عند الشيخ إنشائياً ، وهو خلاف صريح كلامه ، فانّ صريح كلامه انّه فعلي وله آثار أربعة :
أ. لا يعذر إذا كان عالماً.
ب. لا يعذر إذا كان جاهلاً مقصراً.
ج. يعذر إذا كان قاصراً عقلاً.
د. معذور شرعاً.
إنّ احتمال المتنافيين وإن كان كالقطع بهما في الامتناع ، لكن إذا كان
____________
١. الكفاية : ٢ / ٥٢ ـ ٥٣.