المقام الثاني : في دوران الأمر بين الأقل والأكثر
وقبل الخوض في المقصود نقدم أُموراً :
١. قد عرفت أنّ الشكّ في المكلّف به ينقسم إلى شبهة تحريمية وشبهة وجوبية ، ومنشأ الشكّ في كلّ ، تارة فقدان النص ، وأُخرى إجمال النص ، وثالثة تعارض النصين ، ورابعة اختلاط الأُمور الخارجية.
وبما أنّ تقسيم الشبهة التحريمية إلى المسائل الأربع ، تصوير ذهني ليس لها واقع خارجي ، سوى الشبهة الموضوعية ركّزنا البحث في الشبهة التحريمية عليها وقسمناها إلى محصورة وغير محصورة.
وأمّا الشبهة الوجوبية فلها وراء المسائل الأربع تقسيم آخر ، وهو أنّ الواجب يدور تارة بين المتبائنين وأُخرى بين الأقل والأكثر ، وبما انّ حكم المتبائنين واضح وهو وجوب الاحتياط بين المشتبهين ركزنا البحث على الأقل والأكثر.
٢. انّ الأقل والأكثر ينقسمان إلى الاستقلاليين والارتباطيين ، والفرق بينهما بأنّ الأقل الاستقلالي يغاير الأكثر الاستقلالي ـ على فرض وجوبه ـ حكماً ووجوباً ، ملاكاً وغرضاً ، طاعة وامتثالاً ، كالفائتة المرددة بين الواحد والكثير ، والدّين المردّد بين الدرهم والدرهمين ، بخلاف الأقلّ الارتباطي فانّه على فرض وجوب الأكثر ، متّحد معه حكماً ووجوباً ، ملاكاً وغرضاً ، طاعة وامتثالاً ، ولا استقلال له في شيء من الأُمور الثلاثة ، كالشكّ في وجوب الصلاة مع السورة وعدمها.