والظاهر انّ وجه الخروج كونها قاعدة فقهية كقاعدة كلّ شيء حلال ، لما ذكرنا في الأمر الأوّل من مقدمة الكتاب من الميزان لكون المسألة فقهية أو أُصولية ، فلاحظ.
الرابع : بيان مجاري الأُصول
إنّ للشيخ الأنصاري في بيان مجاري الأُصول تعابير مختلفة ذكرناها في مبحث القطع ، وقد سبق هناك انّ ما ذكره في مبحث البراءة أتقن ، قال ما هذا توضيحه :
ثمّ إنّ انحصار موارد الاشتباه في الأُصول الأربعة عقلي ، لأنّ حكم الشكّ إمّا أن يكون ملحوظاً فيه اليقين السابق عليه ، وإمّا أن لا يكون ، سواء لم يكن يقين سابق عليه أو كان ولم يلحظ.
والأوّل مورد الاستصحاب ، والثاني إمّا أن يكون الاحتياط ( خصوص الموافقة القطعية ) فيه ممكناً أو لا ، والثاني مورد التخيير ، والأوّل إمّا أن يدل دليل عقلي أو نقلي على ثبوت العقاب بمخالفة الواقع المجهول وإمّا أن لا يدل ، والأوّل مورد الاحتياط ، والثاني مورد البراءة. (١)
يظهر حال التقسيم بذكر أُمور :
١. بما انّ الشيخ يشترط في الاستصحاب أن يكون من قبيل الشكّ في الرافع دون المقتضي لم يقتصر في بيان مجرى الاستصحاب على وجود الحالة السابقة بل أضاف لحاظها أيضاً حتى لا يتداخل الأُصول في الشكّ في المقتضي ، إذا اقتصر على مجرّد الحالة السابقة ، إذ عندئذ يكون مجرى للاستصحاب لوجود الحالة
__________________
١. فرائد الأُصول : ١٩٢ ، طبعة رحمة اللّه. وما بيّنه في هذا المقام من جلائل أفكاره ، تعلم قيمته بقياسه على البيانين الّذين ذكرهما في أوّل رسالة القطع.