التزاحم لعدم العجز في مقام امتثالهما ، ضرورة أنّ الموسّع إنّما امر به بالطبيعة وهذا الفرد بمشخّصاته غير مأمور به فلا مزاحمة. ومنه يظهر عدم التزاحم فيما إذا دار الأمر بين أحد خصال الواجب التخييري وواجب آخر ، كما إذا كان عنده مال للإطعام وهناك غريم يطالبه ، فإنّ الإطعام بخصوصه غير واجب عليه فيفي دينه ثمّ يصوم بدل الإطعام.
الثاني : ما ذكره بعض آخر أن تكون القدرة معتبرة في أحدهما عقلا وفي الثاني شرعا (١) بمعنى أن تكون القدرة في أحدهما معتبرة من باب حكم العقل بقبح تكليف العاجز ، وفي الثاني تتوقّف المصلحة على القدرة ، فلو عدمت القدرة فلا مصلحة ، وهذا بخلاف الأوّل فإنّه لو عدمت القدرة فقد فاتته المصلحة ، وقد مثّلوا لذلك بمن عنده ماء وهو محدث وبدنه أو ثوبه الّذي لا يمكن نزعه نجس ، فغسل الثوب أو البدن مشروط بالقدرة عقلا ، ولكنّ الوضوء مشروط بالقدرة شرعا ومع عدمها ينتقل إلى التيمّم ، فيتقدّم ما كانت القدرة فيه عقليّة ليستوفي مصلحته ثمّ يتحقّق العجز عن الوضوء فتنعدم مصلحته حينئذ لا أنّها تفوت.
والوجه في هذا التقديم أنّه لو قدّم ما اعتبرت القدرة الشرعيّة فيه لزم تفويت مصلحة الثاني ، بخلاف ما لو قدّم ما اعتبرت فيه القدرة العقليّة فينتفي حينئذ وجوب الآخر لاشتراطه بالقدرة المفقودة.
وهذا المرجّح لو سلّمنا أنّه كان صحيحا إلّا أنّ المثال غير تامّ ، فإنّ غسل الثوب والبدن أيضا مشروط بالقدرة شرعا فإن عجز فيصلّي في الثوب النجس أو عاريا ، بل لا تزاحم بين الواجبات الضمنيّة أصلا بل هو من التعارض ونتيجته التخيير كما سيأتي. فالأولى التمثيل له بغير هذا المثال.
الثالث : ما إذا كان أحد الواجبين أهمّ في نظر الشارع من الواجب الآخر مثل ما إذا دار أمره بين ردّ السلام والصلاة الّتي هي عمود الدين فتقدّم الصلاة.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ٢٧٦.