ومن هذا القبيل مسألة ترتّب القضاء على الأداء مع قطع النظر عن أدلّة القضاء ، فبناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية يجري استصحاب كلّي وجوب طبيعة الصلاة إلى ما بعد الوقت فلا يحتاج إلى أدلّة القضاء ، ولا يعارضه إلّا ما ذكرنا من استصحاب عدم الجعل ، أي عدم جعل الوجوب لما بعد الوقت ، فإنّ جعل الوجوب لما بعد الوقت غير معلوم من أوّل الأمر فاستصحاب عدم الجعل يعارضه.
وأمّا من بنى على عدم جريان استصحاب عدم الجعل ، لأنّه مثبت كما زعمه النائيني قدسسره (١) فلا محيص له عن القول بتبعيّة وجوب القضاء لوجوب الأداء بالاستصحاب.
(أمّا لو وجب عليه الجلوس إلى الزوال وشكّ في وجوب آخر بعد الزوال لدليل آخر محتمل فلا ريب في عدم جواز استصحاب الوجوب السابق ، لانتفاء موضوعه. وزعم الشيخ الأنصاري جريان استصحاب العدم (٢) إلّا أنّ الميرزا زعم عدم جريان استصحاب العدم (٣) لأنّ الجلوس بعد الزوال لم يكن محكوما بالعدم إلّا من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، واستصحاب العدم المحمولي لإثبات العدم النعتي مثبت ، واستصحاب عدم الجعل لنفي المجعول أيضا مثبت.
ولا يخفى أنّه بناء على استصحاب العدم الأزلي فالمستصحب هو العدم النعتي في الأوّل ، كما أنّ الجعل والمجعول لا فرق بينهما إلّا اعتبارا ، فاستصحاب عدم الجعل لنفي المجعول ليس مثبتا فلا مجال لطرح الاستصحاب والرجوع إلى الاصول الأخر كما ادّعاه النائيني قدسسره (٤)) (٥).
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١١٣.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢١٢.
(٣) أجود التقريرات ٤ : ١١٢ ـ ١١٣.
(٤) المصدر المتقدّم.
(٥) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.