وبالجملة ، فهذا السكوت المتخلّل لا يخلّ بصدق كونه قارئا للقصيدة ، تاليا للقرآن ، مصلّيا مثلا ، وكذا غيرها من التدريجيّات.
وبالجملة ، فلا فرق بين التكلّم وغيره ـ من الجريان والحركة ـ إلّا في أنّ الاتّصال الحقيقي هناك هو الموجب للوحدة ، والاعتبار هنا هو الموجب لها ، لعدم الاتّصال الحقيقي.
هذا تمام الكلام في القسم الأوّل من الزمانيّات.
وأمّا القسم الثاني وهو ما لم يكن زمانيّا بذاته إلّا أنّه اخذ فيه الزمان فصار زمانيّا بهذا اللحاظ ، وهذا قسّمه الشيخ الأنصاري قدسسره إلى قسمين ، لأنّه تارة يكون الزمان مأخوذا فيه بنحو القيديّة ، واخرى يكون مأخوذا فيه بنحو الظرفيّة (١) ، فإن اخذ فيه بنحو القيديّة (لم يجر فيه الاستصحاب ، بخلاف ما اخذ على نحو الظرفيّة فيجري فيه الاستصحاب.
والظاهر عدم الفرق بينهما ، فإنّ الزمان ظرف دائما ولا نتصوّر أن يكون مأخوذا قيدا على غير نحو الظرفيّة) (٢). فإن كان سبب الشكّ فيه من جهة الشكّ في بقاء القيد الّذي هو الزمان وارتفاعه وكان منشأ الشكّ اشتباه الامور الخارجيّة بحيث كانت الشبهة موضوعيّة ـ كما إذا علمنا أنّ وجوب الجلوس مغيّا بالزوال وشككنا في تحقّق الزوال وعدمه من جهة السحاب الساتر للشمس ـ فاستصحاب نفس الزمان لا ريب فيه ، على ما مرّ من أنّ معنى التقيّد ليس إلّا الاجتماع في الزمان وصدوره مقترنا بهذا الزمان على ما مرّ إشكالا وجوابا. وأمّا استصحاب الحكم فيه فغير جار ، لأنّه إن جرى الاستصحاب في الموضوع ـ كما هو الحقّ بالتقريب المتقدّم ـ أغنى عنه ، وإن لم يجر ـ لأنّه مثبت ـ فلا يجري في الحكم لذلك.
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢١٢.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.