والمعدومات من الزمانيّات لم تتبدّل بالوجود ، نعم نفس الزمان مرّ عليه فقط ، أو مهمل بحسب الدليل وإن كان في الواقع متعيّنا.
فمراد الشيخ قدسسره من الشكّ في المقتضي هو القسم الثالث ، لأنّا لا نعلم أنّ الحكم فيه أو نفس الموضوع كان فيه اقتضاء البقاء في عمود الزمان بحيث لو لم ينقلب وجود الزمانيّات إلى العدم ولم ينقلب عدم الزمانيّات إلى الوجود ، فقط مرّ عليه الزمان لبقى الحكم أو الموضوع إلى آخر الزمان ، فمراده من المقتضي عبارة عن اقتضاء بقاء الحكم واستمراره في عمود الزمان ما لم يحدث حدث ، نظير الزوجيّة فإنّها مقتضية للبقاء ما لم يحدث فسخ أو طلاق أو موت لأحدهما. ففيما لم يحرز أنّه مغيّا أو مرسل لا يقول الشيخ بجريان الاستصحاب لأنّه لم يعلم أنّه مرسل ، فالمقتضى موجود أو مغيّا وقد انقضت غايته فلا مقتضي للبقاء فلا يجري الاستصحاب فيه للشكّ في المقتضي.
وأمّا القسم المرسل فلا إشكال في إحراز مقتضي البقاء ، لأنّه بطبعه يبقى ما لم يرفعه رافع ، فهنا يجري الاستصحاب على رأي الشيخ قدسسره (١) لأنّ الشكّ شكّ في الرافع.
وأمّا القسم الأوّل وهو المغيّا بغاية فإن لم يشكّ فيه ، نظير الصوم وأنّه قبل الغروب واجب وبعده ليس بواجب فلا كلام ، وإن شكّ فالشكّ تارة يكون من جهة الشبهة المفهوميّة ، واخرى يكون من جهة الشبهة الحكميّة ، وثالثة تكون من جهة الشبهة الموضوعيّة.
فإن كانت من جهة الشبهة المفهوميّة مثل ما إذا علمنا أنّ آخر وقت صلاة الظهر والعصر هو الغروب ، ولكن لم يعلم مفهوم الغروب وأنّه هو استتار القرص عن البصر ، أو نزوله في الافق المعلوم بذهاب الحمرة إلى وسط السماء ، فهذا يلحق بالشكّ في المقتضي ، لأنّا لم نحرز أنّ وقته من حيث عمود الزمان باق بالنسبة إلى ما زاد على الغروب عن البصر.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٣ : ٥٢ ، ١٥٩ ـ ١٦٩.