الموافقة القطعيّة. وحرمة الوطي في كلتا الليلتين خوفا من المخالفة القطعيّة ، فموافقة هذين العلمين القطعيّة غير ممكنة قطعا ، فلا أثر للعلم الإجمالي بالنسبة إليها ، إلّا أنّ ترك المخالفة القطعيّة بأن يأتي بما يحتمل الموافقة ممكن فينجّز العلم الإجمالي بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعيّة فيترك الوطي في إحدى الليلتين ويطأ في الثانية. والعجب من الميرزا النائيني قدسسره أنّه مع اختيار تنجّز العلم الإجمالي في الواقعة التدريجيّة مع ذلك اختار التخيير هنا مع أنّها لا فرق بينها وبين سابقتها ذات الواقعة الدفعيّة.
ثمّ إنّا لو لم نقل بتنجيز العلم الإجمالي في التدريجي يكون من مجاري أدلّة البراءة ؛ إذ كلّ من وجوب الفعل أو الترك غير معلوم ولا بيان يبعث إليه فتجري فيه أدلّة البراءة والعلم الإجمالي غير منجّز حسب الفرض ، وعلى كلّ فلا تنتهي النوبة إلى التخيير.
بقي هنا شيء وهو أنّه فيما إذا دار الأمر بين المحذورين في الواقعة المتعدّدة سواء كان تعدّدها من جهة تعدّد موضوعها الدفعي أو من جهة كون موضوعها تدريجيّا إذا احتمل أهميّة أحد الإلزامين فهل تتقدّم موافقته القطعيّة على الموافقة القطعيّة للآخر الغير المحتمل أهميّته أو لا تتقدّم؟
اختلفت كلمات الميرزا النائيني قدسسره ففي المقام اختار عدم التقديم (١) بتقريب أنّ الترجيح بأهميّة الملاك إنّما هو حيث يقع التزاحم في مقام الامتثال ولا تزاحم في مقام الامتثال ؛ لأنّ المحلوف على فعله غير المحلوف على تركه ، فليس شيئا واحدا حتّى يقع التزاحم. وفي ذيل الأقلّ والأكثر اختار تقديم الموافقة القطعيّة المحتمل الأهميّة على الموافقة الاحتماليّة للآخر الغير المحتمل أهميّته (٢) ، بتقريب أنّ التزاحم لا يعتبر فيه أن يكون تزاحما في مقام الامتثال فقط ، بل التزاحم في مقتضيات الأحكام
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٣ : ٤٥٠ ـ ٤٥١.
(٢) انظر فوائد الاصول ٣ : ٤٥٣ ـ ٤٥٥.