وهو العلم الإجمالي لا جواب له كما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) بتقريب : أنّ العلم الإجمالي بالتكاليف نجّز في أوّل حدوثه جميع التكاليف على المكلّفين ، فقيام الأمارات على التكاليف لا يثبت التكاليف الواقعيّة ، إذ المفروض أنّها ليست محرزة للواقع فلا تكون موجبة لانحلال العلم الإجمالي بالواقع ، بل تكون منجّزا ثانيا بعد تنجيز العلم الإجمالي ، والمنجّز اللاحق لا يجدي بعد تنجيز العلم الإجمالي لجميع الأطراف ، نظير أن يعلم إجمالا بأنّ أحد الإناءين نجس لوقوع قطرة بول في أحدهما ثمّ تقع قطرة اخرى في الإناء الصغير مثلا ، فوقوع هذه القطرة الثانية لا ترفع تنجيز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الإناء الثاني ، إذ هو لا يرفع العلم الإجمالي ولا يوجب انحلاله أصلا فكذا المقام ، إذ بعد تنجيز العلم الإجمالي غاية مؤدّى الأمارة تنجيز مؤدّاها فهو من المنجّز بعد المنجّز ولا يوجب انحلال العلم الإجمالي أصلا.
وهكذا الكلام على القول بالموضوعيّة وجعل أحكام ظاهريّة على طبق مؤدّى هذه الأمارات ، فإنّ جعل الحكم الظاهري لا يرفع تنجيز العلم الإجمالي بالنسبة إلى أطرافه من الأحكام الواقعيّة.
والإنصاف (*) أنّ العلم الإجمالي منحلّ على كلّ واحد من هذه الأقوال.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(*) كتب المقرّر قدسسره في أوراق مفردة ما يلي :
هذه الورقة تعليقة على قوله : «والإنصاف» ذكرها الأستاذ أيّده الله في الدورة المتأخرة عن دورة الكتابة المتنية ، فافهم :
ولكن الذي ترجح في النظر أخيرا أن يقال إنّه بناء على أنّ مفاد أدلة حجّية الأمارات جعل التنجيز والتقدير ـ كما اختاره الآخوند قدسسره في مبحث الظن ـ يفصل بين الشبهة الموضوعية والحكمية إذا كان قيام الأمارة على أحد الطرفين بعد الفحص وبين الشبهة الحكمية التي يكون قيام الأمارة على لزوم أحد الطرفين بعد الفحص فلا ينحلّ العلم الإجمالي في الأولين وينحل في الأخير.