الإيراد الخامس (*) من الإيرادات على جريان الاستصحاب ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) وتقريبه : أنّ الاستصحاب إنّما يجري إذا كان الأثر المترتّب على المستصحب من آثار المستصحب الواقعيّة ، مثلا : إذا شككنا في انقلاب الخمر عن خمريّته إلى الخليّة يجري الاستصحاب فيترتّب على المشكوك خمريّته أحكام الخمريّة الواقعيّة من الحرمة والنجاسة مثلا وغيرها. وأمّا إذا كان الأثر مترتّبا على المستصحب الواقعي وعلى الشكّ في المستصحب الواقعي فبمجرّد حصول الشكّ قبل جريان الاستصحاب يترتّب الأثر لوجود موضوعه وهو الشكّ بالوجدان فلا معنى لإجراء الاستصحاب حتّى يثبت الموضوع تعبّدا ، وهل هو إلّا تحصيل للحاصل على أردأ أنحائه؟ لأنّا نرفع اليد عن الموضوع الوجداني إلى الموضوع التعبّدي ، والمقام من هذا القبيل فإنّ صرف الشكّ في التكليف كاف في جريان قبح العقاب بلا بيان ، فلا حاجة إلى الاستصحاب حينئذ ، إذ لا يترتّب على الاستصحاب إلّا قبح العقاب من غير بيان ، والمفروض جريانها بصرف الشكّ.
والجواب : أنّ الاستصحاب على تقدير جريانه يكون بيانا للعدم فيكون ترخيصا ، وحينئذ فيكون رافعا لموضوع قبح العقاب بلا بيان قطعا وحاكما عليه ، إذ هو رافع لموضوع عدم البيان ومبدّلا له ببيان العدم.
واتّحاد النتيجة ـ وهي عدم العقاب ـ غير موجب لعدم جريانه أو لعدم جعله وإلّا لما جعل استصحاب الطهارة ، إذ مع الشكّ تجري قاعدة الطهارة فلا يبقى مجال للاستصحاب.
والجواب الجواب.
__________________
(*) قد ذكر الاستاذ الخوئي أيّده الله هذا الإشكال في الدورة الثانية من إشكالات استصحاب عدم الجعل لا عدم المجعول كما هو مسطور في تقرير الدورة الاولى فتنبّه. (الجواهري).
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٣١.