الاستصحابات المتفرّقة في موارد الفقه ما ليس موافقا للواقع ، فإن جوّزنا جريان الاستصحاب ـ لعدم تحريم المخالفة الاحتماليّة ـ فتظهر الثمرة أيضا ، لأنّ القائل بحجّية الخبر يرفع موضوع الاستصحاب وهو الشكّ ، والقائل بعدم الحجّية يعمل بالاستصحاب. وإن لم نجوّز جريان الاستصحاب في المقام لحرمة المخالفة الاحتماليّة فلا تظهر أيضا ثمرة ، لأنّ القائل بحجّية الخبر يعمل به لكونه منجّزا ، والقائل بعدم الحجّية يعمل به لعدم المعارض مع كونه أحد أطراف العلم الإجمالي.
(هذا كلّه إن كانت حجّية الاستصحاب ثابتة مع قطع النظر عن حجّية الخبر الواحد ـ إمّا بدعوى كونه ثابتا ببناء العقلاء ، أو بدعوى كون أخباره متواترة ، أو مقرونة بالقرينة القطعيّة ـ وإلّا لم يجر الاستصحاب أيضا ، لعدم ثبوت حجّيته بعد) (١).
فائدة : العلم الإجمالي إمّا أن يتعلّق بالتكليف ، وإمّا أن يتعلّق بعدم التكليف ، فإن تعلّق بالتكليف فلا ريب في عدم جريان الاصول في أطرافه مطلقا ـ محرزة كانت أو محضة أو ملفّقة ـ لأنّ جريانها في جميع الأطراف يوجب المخالفة القطعيّة للمعلوم بالإجمال ، وجريانها في بعض الأطراف دون بعض ترجيح من غير مرجّح.
وأمّا إن تعلّق العلم الإجمالي بعدم التكليف فلا مانع من جريان الاصول المحضة بالتكليف ، لأنّها تعيّن الوظيفة العمليّة بحسب الظاهر مع قطع النظر عن الواقع ، كما إذا كان المورد من الفروج والدماء نظير ما إذا علم إجمالا أنّ إحدى هاتين المرأتين محلّلة الوطء له للعقد عليها ، فأصالة الاحتياط في الفروج تعيّن عليه ترك وطئهما ظاهرا وإن كان الحكم الواقعي لإحداهما الحلّية الواقعيّة لكن الحرمة الظاهريّة لا تنافي الحلّية الواقعيّة. وأمّا الاصول التنزيليّة فقاعدة الشغل تجري (٢)
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) في الأصل : لا تجري ، والصواب ما أثبتناه ، راجع دراسات في الاصول ٣ : ١٩٤.