وثانيا : أنّه يمكن أن يكون مفاد الآية هو ما ذكر من حجّية خبر العادل مطلقا أو الخبر الموثّق مطلقا ، وعدم التزام العلماء به لوجود المقيّد الّذي به خرج العلماء عن إطلاقها.
وثالثا : أنّ اتّباع العلم وإن كان حكما عقليّا إلّا أنّ تحصيله ليس كذلك ، وفي المقام الأمر بالتحصيل لا بالاتّباع إذ «فتبيّنوا» أمر بالتبيّن وهو تحصيل العلم.
الرابع ممّا اورد على آية النبأ : ما ذكره الشيخ الأنصاري بأنّ مورد الآية وهو الإخبار بردّة جماعة ، الواحد العادل لا يثبتها فضلا عن الفاسق ، فالقول بالمفهوم يوجب تخصيص مورد الآية وهو قبيح مستهجن (١). وقد أجاب عنه بأنّ المراد من الفاسق ليس الفرد الواحد بل المراد جنس الفاسق ، وحينئذ فالمفهوم يكون إخبار جنس العادل سواء كان واحدا أم أكثر. نعم يبقى الإشكال في إطلاق المفهوم وشموله للواحد مع أنّ المورد يأباه ، والجواب أنّ ما دلّ على أنّ الموضوعات أو خصوص الارتداد لا بدّ فيها من البيّنة يقيّده.
وقد أشكل المورد للإيراد المتقدّم على الشيخ بنفس ذلك الإيراد (٢).
وملخّصه : أنّه إن اريد من التبيّن العلم فاتّباع العلم أمر عقلي لا شرعي ، فلا يكون الأمر مولويّا في المنطوق حتّى ينتفي وجوب التبيّن في المفهوم ، وهو خبر العدل.
وإن اريد من التبيّن الوثاقة فهو مستلزم لقبول قول الثقة في مورد الآية وهو الإخبار بالارتداد ، ولا قائل به بخصوصه وإن قال بعضهم بحجّية خبر العادل في الموضوعات إلّا أنّه في خصوص الارتداد لا بدّ من البيّنة كموارد الخصومات.
والجواب ظاهر ممّا مرّ من أنّ المراد من التبيّن لو كان تحصيل العلم فلا يكون إرشاديّا لأنّه ليس أمرا باتّباع العلم بل بتحصيله ، وأيضا التبيّن هو أمر باستظهار
__________________
(١) الفرائد ١ : ٢٧١.
(٢) انظر نهاية الأفكار ٣ : ١١٧.