ليس تابعا للمصلحة والمفسدة. نعم الحكمان الواقعيّان باعتبار تبعيّتهما
للمصالح والمفاسد لا يمكن اجتماعهما أصلا ، وأمّا الحكمان الظاهريّان فكذلك لأنّ
الحكم الظاهري تابع للمصلحة في الجعل لا في المتعلّق. وحينئذ فلا مضادّة في هذه
المرتبة أيضا وكذا مرتبة العلم بالصلاح فإنّها في الأحكام الواقعيّة ، كما لا
تنافي في المرتبتين المتأخّرتين أيضا وهما مرتبتا الوصول والبعث والانبعاث لأنّ
الحكم الواقعي إن وصل فلا يبقى موضوع للحكم الظاهري أصلا.
وبالجملة هما
سنخان من الحكم يستحيل اجتماعهما لأنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ في الحكم
الواقعي ومع وصوله لا يبقى شكّ أصلا ، فافهم وتأمّل تعرف أن لا مانع من اجتماع
الحكمين اللذين أحدهما ظاهري والآخر واقعي من جهة التضادّ ، إذ قد عرفت أن لا
تضادّ أصلا في المراتب الخمسة.
حينئذ فحيث ثبت
إمكان جعل الحكم الظاهري ومجامعته مع الحكم الواقعي فيقع الكلام في الوقوع فنقول :
الكلام في وقوع التعبّد بالأمارات الظنيّة
بعد الفراغ عن
إمكان التعبّد شرعا بالأمارات الظنيّة وعدم استحالته يقع الكلام في مرحلة وقوعه
وقبل الخوض في وقوعه وعدمه نتكلّم في الأصل وما تقتضيه الأصل من حجّية وغيرها.
فنقول : ذكر
الشيخ الأنصاري قدسسره أنّ الأصل يقتضي عدم حجّية الظنّ حيث يشكّ في حجّيته ،
واستدلّ على ذلك بالكتاب وهو قوله : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ
أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) والسنّة وهو ما دلّ على حرمة التشريع والإجماع والعقل .
__________________