الخيانة ، وخائن لا يترك حراما ، ولا يؤدي واجبا ولا دينا (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) مطالبا ترافعا وتقاضيا ، وأيضا مقاتلا. وتسأل : كل الناس قسمان : خائن وأمين وصادق وكاذب ، ورب ملحد أو كتابي أوفى ذمة من مسلم صائم وراكع ساجد؟ وأجاب سبحانه عن هذا السؤال بقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) أي أن أهل الكتاب الذين لا يؤدون الأمانة يزعمون ـ من دون الناس ـ أن الله أحل لهم أموال الأميين وهم الذين ليسوا على دينهم (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم يكذبون ويفترون.
٧٦ ـ (بَلى) هم مسؤولون ومعاقبون على الاستهانة بالأمانة وغيرها من الحقوق سواء أكانت لأمي أم لكتابي (مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ) مع كل الناس (وَاتَّقى) المعاصي (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) ويكره الخائنين.
٧٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ) يشترون : يستبدلون ، وعهد الله ، كل ما أمر الله به ، وفي الحديث : لا دين لمن لا عهد له (وَأَيْمانِهِمْ) اليمين لغة : القسم ، وشرعا : القسم بالله وأسمائه الحسنى (ثَمَناً قَلِيلاً) متاع الحياة الدنيا من جاه أو مال (أُولئِكَ لا خَلاقَ) لا نصيب (لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي يهملهم ويعرض عنهم (وَلا يُزَكِّيهِمْ) كناية عن غضبه وسخطه الذي صرح به تعالى بقوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ٧٨ ـ (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ) ينطقون به محرفا (لِتَحْسَبُوهُ) الهاء تعود على المحرف المفهوم من «يلون» (مِنَ الْكِتابِ) المنزل على موسى (ع) (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) التوراة (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) والتكرار لتوكيد الكذب والافتراء.
٧٩ ـ (ما كانَ لِبَشَرٍ ...) محال في حق النبي أن يدعو الناس لعبادته من دون الله ، كيف وقد اختاره سبحانه على علم بأنه الصادق الأمين؟ وهذا رد على من يعبد السيد المسيح (ع).
____________________________________
الإعراب : يجوز أن تقول : أمنتك بهذا بمعنى وثقت بك فيه ، وان تقول : أمنتك عليه بمعنى جعلتك أمينا عليه ، ويجوز أن تقول : (مررت به) ، أي ملاصقا ومررت عليه ، أي على المكان القريب منه ، وبلى تستعمل كثيرا جوابا عن نفي سابق لتثبته ، وقد تستعمل في ابتداء الكلام ، كما لو قال قائل : أنا من المخلصين ، فتقول له : بلى من جاهد في سبيل الله فهو مخلص ، والمراد بها هنا المعنى الأول.