٦ ـ (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) يصدرون : يخرجون من القبور ، أشتاتا : متفرقين تبعا لأحوالهم ومراتبهم ، وليروا أعمالهم : ليجازوا عليها بما يستحقون إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، وهذا معنى قوله تعالى :
٧ ـ ٨ ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقال الرسول الأعظم (ص) : إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه. وقال الإمام أمير المؤمنين (ع) : «أشد الذنوب ما استهان به صاحبه».
سورة العاديات
مكيّة وهي احدى عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ ٥ ـ (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً فَالْمُورِياتِ قَدْحاً فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) العاديات : من العدو وهو الجري ، والمراد بها خيل الجهاد لردع الطغاة بالخصوص ، والمشار إليها في قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) ـ ٦٠ الأنفال» والضبح : أنفاس الخيل ، والموريات قدحا : من وري الزند إذا خرجت ناره ، والمراد هنا أن الخيل تضرب الصخرة بحوافرها فتقدح شررا ، والمغيرات : من أغارت الخيل على العدو إذا هجمت عليه ، والنقع : الغبار ، والمراد بالجمع هنا جمع الأعداء الطغاة وقد يقال : وأية حكمة من ذكر الخيل والقسم بها في كتاب الله؟ الجواب : الإسلام دين الحياة والعدل والمساواة ، ولا عدل بلا قوة منفذة ورادعة كما أن القوة بلا عدل ظلم وفساد ، وكانت الخيل هي القوة الأولى في الحرب آنذاك ، وتسمى خيل الجهاد بخيل الله ، ومن هنا رفع سبحانه من شأنها ، وأوجب على المسلمين العناية بها لصيانة الحق والعدل من عبث المعتدين.
٦ ـ (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) وهو من كفر بنعمة الله عليه ، والمعنى أكثر الناس لا يؤدون النعمة ، ولا يشكرونها بالتضحية والبذل في سبيل الله.
٧ ـ (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) الضمير في انه يعود إلى الإنسان ، والمعنى تصرفات الإنسان تشهد عليه انه كافر بأنعم الله.
٨ ـ (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) المراد بالخير هنا المال ، ولا بأس بحبه شريطة أن لا ينسي الوقوف بين يدي الله للحساب عليه وإلا أخذ بأقسى العقوبات.
٩ ـ (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) على الإنسان أن يعلم ويوقن بأنه خارج من قبره للحساب والجزاء لا محالة.
___________________________________
الإعراب : (ضَبْحاً) مصدر في موضع الحال أي ضابحة. و (قَدْحاً) مفعول مطلق للموريات لأن الوري فيه معنى القدح ، فهو مثل قمت وقوفا. و (صُبْحاً) منصوب على الظرفية. فأثرن النون علامة التأنيث. ونقعا مفعول به ، ومثله جمعا ، وقال أبو البقاء : جمعا حال.