الكون بأرضه وسمائه ، فأنت مفتقر إلى عنايته وتدبيره (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) تبخلوا بالمال وبذله في سبيل الله (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) يسبّحون بحمده وبأمره يعملون ، وتقدم في الآية ١٩ من إبراهيم وغيرها.
سورة الفتح
مدنيّة وهي تسع وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) نصرناك يا محمد نصرا ظاهرا ، ونزلت هذه السورة في ذي القعدة سنة ٦ ه. حين انصرف النبي (ص) من الحديبية إلى المدينة.
٢ ـ ٣ ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ...) كان محمد (ص) مذنبا في زعم المشركين حيث جعل الآلهة إلها واحدا ، ونبيا عند الموحدين المؤمنين تماما كأي مجاهد مخلص عند المخلصين والخائنين ، ومع الأيام والأحداث. ومنها الفتح والنصر الذي أشار إليه سبحانه بفتحنا لك ـ اكتشف المشركون أن محمدا هو المحقّ ، وأنهم كانوا هم المخطئون والمذنبون بعبادة الأصنام وإساءتهم لمحمد ، فندموا لدعوته وعليه يكون معنى الآية أن الله سبحانه هيّأ السبب الموجب لدخول المشركين في دين الله أفواجا ، وكان عاقبة ذلك براءة النبي عند المشركين من كل ذنب ، وعبّر سبحانه عن هذه البراءة بالمغفرة تماما كما لو اعتقدت أن فلان الفلاني هو أعدى أعدائك ، وأنه لو تمكن. منك لأخذك أخذ سفاح جبار ، ودارت الأيام ، فصار هذا الفلان حاكما وذا سلطان ، وإذا به يكرّم مثواك ويحسن إليك ، وما من شك في أنك تشعر من أعماقك أنك أنت المذنب ، وهو النزيه البريء.
٤ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) كل عقيدة صحيحة وسليمة تنتهي بصاحبها إلى زيادة الإيمان وقوته ، وراحة الضمير وغبطته ، وتقدم في الآية ٢٦ من التوبة وغيرها (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) كل الموجودات ملك لله وحده لا شريك له.
٥ ـ (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) جاء في التفاسير أن الله سبحانه حين قال لنبيه : إنّا فتحنا لك فتحا مبينا قال له المؤمنون : هنيئا لك يا رسول الله ، هذا ما فعل الله بك. فما ذا يفعل بنا نحن؟ فنزلت هذه الآية : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ ...).
___________________________________
المعنى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً). للفتح معان ، والمراد به هنا النصر لأنه أول ما يتبادر إلى الإفهام ، ولأن النبي (ص) قال : نزلت عليّ آية هي أحب إليّ من الدنيا وما فيها ، ثم تلا : إنا فتحنا لك فتحا مبينا. وعليه يكون المعنى إنا نصرناك يا محمد نصرا ظاهرا ، واختلف المفسرون في نوع هذا النصر وتحديده على أقوال أنهاها الطبرسي إلى أربعة والرازي إلى خمسة.