سورة ابراهيم
مكّيّة وهي اثنتان وخمسون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ ٢ ـ (الر) تقدم الكلام عن مثله في أول البقرة (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) الخطاب لمحمد ، والمراد بالكتاب القرآن ، وبالظلمات الجهل والتخلف ، وبالنور العلم والتقدم ، وحين نزلت هذه الآية وأخواتها كان العرب أهل جاهلية وأمة أمية ، يعبدون الأحجار ، ويأتون القبائح والفواحش ، ويأكل القوي منهم الضعيف ، وبعد القرآن أصبح العرب قادة العلم الحديث ورادة الخلق الكريم ، ومعنى هذا أن القرآن قد صدق بنبوءته هذه تماما كما صدق بنبوءته عن وقعة بدر ، وعن انتصار الروم بعد هزيمتها وغيرها من النبوءات ، وأيضا معنى هذا أن القرآن حق وصدق.
٣ ـ (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) يؤثرون الباطل على الحق لا لشيء إلا لأنهم ينقادون بمعدتهم وشهوتهم لا بعقلهم وفطرتهم (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قد ضلوا وأضلوا كثيرا عن سواء السبيل (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) يطلبون الاعوجاج لسبيل الله بالتحريف والتزييف والدس والمؤامرات ولا يختص هذا بالملحدين والمشركين ، فإن كثيرا من المسلمين يكذبون ويخونون ويحرفون ويتآمرون على الإسلام والمسلمين مع أعدائه وأعدائهم.
٤ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) سبل الحق والنجاة ، ويفهموا عنه ، وتتحقق الغاية من رسالته وينبغي التنبيه إلى الفرق بين كلمة وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ، وبين كلمة ما أرسلنا رسولا إلا لأهل لسانه ولغته ، فالصيغة الأولى لا تمنع أن يكون الرسول.
عاما ولغته خاصة ، على عكس الصيغة الثانية ، فإنها تحصر رسالة الرسول بقومه وحدهم (فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ ...) ولا بشاء إلا بعد البيان والعصيان ، قال سبحانه : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) ـ ١١٥ التوبة» وتقدم في الآية ٢٦ من البقرة وغيرها.
___________________________________
الإعراب : (كِتابٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي هذا كتاب. وجملة أنزلناه صفة لكتاب. والى صراط العزيز بدل من قوله الى النور باعادة حرف الجر. و (اللهِ الَّذِي) الله بدل من العزيز ، و (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ) الخ. صفة لله أي مالك السموات والأرض وما فيهما. وله خبر مقدم وما مبتدأ مؤخر ، والجملة صلة الموصول. (وَوَيْلٌ) مبتدأ ، وللكافرين خبر و (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ) عطف بيان من الكافرين أو صفة أي المستحبين. و (عِوَجاً) مصدر في موضع الحال أي معوجين ضالين. ويجوز أن يكون عوجا مفعولا به إذا قدرت ويبغون لها العوج. فيضل بالرفع ، ولا يجوز النصب بالعطف على ليبين ، حيث يصير المعنى ان الله أرسل الرسول ليضل.