٣ ـ (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) فهو أولى الناس بأن يوحدوه ويفردوه بالتعظيم والتنزيه عن الند والشريك ، ولما ذا؟ لأنه هو :
٤ ـ (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) وإذا عطفنا قول الرسول الأعظم (ص) : «كاد الفقر يكون كفرا» على هذه الآية التي ربطت بين دعوته تعالى إلى عبادته تعالى وبين التذكير بنعمته ـ ظهر لنا بوضوح أن الفقر والحرمان إذا سيطر اتخذ منه الشيطان وحزبه منفذا إلى التشكيك في الله وعدله ورحمته ، والمسئول الأول عن سيئات الفقر وآثامه هم الأغنياء الذين يستأثرون ويغتصبون الحق المعلوم الذي فرضه سبحانه في أموالهم للسائل والمحروم ، ونذكّر للمرة الثالثة أو الرابعة قول الإمام جعفر الصادق (ع) الذي دونه صاحب الوسائل في أول باب الزكاة : إن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء ، وحقيق على الله تعالى أن يمنع رحمته ممن منع حق الله في ماله. وأخيرا روى الشيعة الإمامية عن أهل البيت (ع) : «لا تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح ، وألم تر كيف ولإيلاف قريش»
سورة الماعون
مكيّة وهي سبع آيات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) أرأيت : هل تعرف؟ والدين : الإيمان بالله واليوم الآخر ، وبشريعته التي بلغها سبحانه للخلق بلسان أنبيائه ورسله والمعنى ، فإن كنت لا تعرف من كفر بكل ذلك فاعلم أنه :
٢ ـ (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدع : يزجر ، والمراد باليتيم هنا كل ضعيف لا نصير له ولا مجير ، وفي نهج البلاغة : ظلم الضعيف أفحش الظلم ، وفي الحديث : «من أعان ظالما وهو يعلم أنه ظالم فقد برئ من الإسلام» وبالأولى الظالم ، ومعنى هذا أن الظالم يعامل في الآخرة معاملة الكافر لأن الآية ربطت بين ظلم اليتيم والتكذيب بالدين. أجل إذا نطق الظالم بالشهادتين يعامل في معاملة المسلم في الدنيا ، أما في الآخرة فلا تنفعه الشهادتان شيئا حتى ولو صلّى وصام وحج إلى بيت الله الحرام ٣ ـ (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) المراد بالحض هنا التعاون مع الآخرين على الاهتمام بشأن المعوزين والعاطلين عن العمل ، وتقدم في الآية ٣٤ من الحاقة وغيرها ٤ ـ ٥ ـ (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) والمراد بالمصلين والساهين هنا المنافقون الذين لا يؤمنون بالله من الأساس فضلا عن الصلاة له ، لقوله سبحانه في تحديدهم :
٦ ـ (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) وكل من يفعل الخير لغير وجه الله والخير فهو مراء ، ومن أوضح العلامات الدالة عليه أن يترك أو يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان أحد عنده.
٧ ـ (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) هذا تصوير للمنافقين ودليل على أن صلاتهم للناس لا لله ، ووجه الدلالة أنهم لا ينفعون أحدا ولا يعينونه بأتفه الأشياء كإعارة الآنية أو الكتاب أو القلم ، ولو كانوا من أهل الدين لنفعوا وأعانوا تقربا إلى الله أما الصلاة فيأتون بها لأنها بالمجان.