٢٣ ـ (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ ...) أي ذكّر وعظ يا محمد كل الناس إلا من أدبر وتولى ويئست من هدايته ، فدعه وشأنه ، فإنه عائد إلى الله وملاقيه لا محالة ، وعليه وحده حسابه وعقابه
سورة الفجر
مكيّة وهي ثلاثون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (وَالْفَجْرِ) وقت تنفس الصبح كما في الآية ١٨ من التكوير : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).
٢ ـ (وَلَيالٍ عَشْرٍ) قيل : هي العشر الأوائل من ذي الحجة الشهر الأخير من أشهر الحج الثلاثة : شوال وذي القعدة وذي الحجة.
٣ ـ (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ) الشفع : الزوج ، والوتر : الفرد ، والأشياء كلها إما زوج وإما فرد ، وغير بعيد عن ظاهر اللفظ أنهما إشارة إلى الحساب على وجه العموم ، لأنه تعالى أطلق ولم يقيد بشيء خاص ٤ ـ (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) يذهب وفي الآية ٣٣ من المدثر : والليل إذا أدبر».
٥ ـ (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) الاستفهام هنا لتقرير الواقع ، والمراد بالحجر العقل ، والمعنى أن في الأشياء التي أقسم بها سبحانه حجة كافية في الدلالة على وجود الله ٦ ـ ٨ ـ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) عاد قوم هود ، وإرم اسم الجد الأعلى للقبيلة ، وذات العماد كناية عن الغنى والترف الذي قادهم إلى الجبروت والطغيان ، ومعصية الله والرسول ، فأخذهم سبحانه بالهلاك والدمار ، وإذا لم ينته المعاندون والمعادون لمحمد (ص) فسيكون مآلهم مآل عاد ٩ ـ (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) وأيضا قوم صالح الذين اتخذوا من الجبال بيوتا فارهين ، كانوا أقوياء وأغنياء ، ولما طغوا وبغوا وعصوا الرسول ، فعل بهم سبحانه ما فعل بعاد.
١٠ ـ (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) أي المباني العظيمة الشامخة الثابتة كالأهرام ١١ ـ ١٣ ـ (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) لفظ الذين وما بعده صفة لعاد وثمود وفرعون لأنهم بالكامل أكثروا الفساد ، ووقع عليهم العذاب ، وخصّ سبحانه السوط بالذكر لأنه يشير إلى تكرار العذاب ، وتقدم أن عذاب عاد بالريح ، وثمود بالصيحة ، وفرعون بالغرق ١٤ ـ (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) رقيب على العباد محيط بما يقولون ويفعلون ، ويجازي كلا سعيه وفعله ١٥ ـ ١٦ ـ (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) يبتلي سبحانه العباد بما يحبون وما يكرهون إخراجا لما في نفوسهم بالأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب ، لأنه تعالى لا يعاقب إلا على جرم مادي محسوس ، وهو يثيب على مجرد النية ، وأكثر الكسالى إذا افتقروا ألقوا التبعة والمسئولية على قضاء الله وقدره وإذا استغنوا عن طريق الميراث وما أشبه ظنوا أنهم أقرب المقربين عند الله! وهذا هو الجهل بالجهل لأن دار الدنيا للعمل لا للجزاء ، ودار الآخرة للجزاء لا للعمل ، وفي الحديث : «الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها وحدها يجمع من لا عقل له».