١١٨ ـ (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) لا يتدخل سبحانه بإرادته الشخصية والتكوينية في أفعال الإنسان وتصرفاته ، ولو شاء لفعل ، ولكنه لن يشاء لتبقى للإنسان إرادته وحريته التي يكون بها مسؤولا ومستحقا للمدح والثواب أو الذم والعقاب ، وتقدم في الآية ٤٨ من المائدة (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) هذا إخبار وحكاية عن أهل الأديان والمذاهب ، وليس تعبيرا عن قضاء الله وقدره.
١١٩ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) بترك التعصب والنعرات الطائفية والتزوير والتكفير (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) أي ليتراحموا لا ليتلاكموا. (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لا أحد يمس بعذاب إلا أن تقوم عليه الحجة البالغة القاطعة ، وبخاصة عذاب جهنم ، وهنا يكمن السر في شهادة الألسن والأيدي والأرجل والمبلغين والكرام الكاتبين على من يستحق النار وغضب الجبار.
١٢٠ ـ (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ ...) كل ما قصصناه عليك يا محمد من أخبار الأنبياء السابقين وما لا قوه من أممهم وقاسوه ، وكيف دارت الدائرة على أعدائهم ـ هو حق لا ريب فيه ، أما الغرض من هذه القصص والأخبار فهو أن يطمئن قلبك ، ويتعظ من كان له قلب وإيمان.
١٢١ ـ (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) تقدم قبل قليل في الآية ١٢ من هذه السورة و ١٣٥ من الأنعام.
١٢٢ ـ (وَانْتَظِرُوا) أيها الجاحدون (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) معكم من تكون له عاقبة الدار.
١٢٣ ـ (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فيجزي كل نفس ما كسبت (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) وفر منه إليه ، ولا تثق بسواه ختم سبحانه هذه السورة الكريمة بقوله لنبيه الكريم صلىاللهعليهوآله : وتوكل على الله ، ونحن نختم شرحها بثلاث كلمات كان يدعو بها سيد الكائنات : «أللهم إني أعوذ بك من الفقر الا إليك ، ومن الذل إلا لك ، ومن الخوف إلا منك».
سورة يوسف
مكية وهي مائة واحدى عشرة آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
١ ـ (الر) انظر أول البقرة (الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) تلك إشارة إلى آيات هذه السورة ، والكتاب المبين هو القرآن ٢ ـ (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وفي هذا إيماء إلى أن من يجهل اللغة العربية يتعذر عليه أو يتعسر أن يعقل الإسلام على حقيقته وبعقيدته وشريعته وأخلاقه وآدابه ، وحبذا لو أن المراجع الدينية في إيران والعراق خصصوا مبلغا من الأوقاف العامة والحقوق الشرعية لانتشار اللغة العربية وبناء كليات لهذه الغاية في البلاد الإسلامية وكل بلد فيه مسلمون من غير العرب ، ولا أعرف خدمة للقرآن أجل وأعظم من هذه ، وهل من أحد يشك في أن إحياء اللغة العربية إحياء لكلام الله سبحانه ، والعكس بالعكس ٣ ـ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) يا محمد (أَحْسَنَ