(وَهذَا النَّبِيُ) محمد (ص) (وَالَّذِينَ آمَنُوا) برسالته ، وفي نهج البلاغة : إن أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) الذين يلجئون إليه في كشف الضر وطلب النفع.
٦٩ ـ (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ) يردونكم عن دينكم إلى دينهم كما يفعل المبشرون في هذا العصر (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) يحملون أثقالا مع أثقالهم ، لأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها (وَما يَشْعُرُونَ) أنهم لا يضلون إلّا أنفسهم.
٧٠ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) وهي الدلائل على نبوة محمد (ص) وصدق القرآن (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) وتعلمون بأن محمدا نبي ، ولكن تكتمون.
٧١ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) تجعلون الحق باطلا ، والباطل حقا (وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) بغيا (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) بأنكم كاذبون ومضللون.
٧٢ ـ (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي على المسلمين (وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) تشير الآية بظاهرها إلى خدعة تواطأ عليها جماعة من رؤساء أهل الكتاب ، أن يظهروا الإسلام أول النهار ، ويرتدوا عنه في آخره ، عسى أن يقع بعض ضعاف العقول من المسلمين في الشك والبلبلة.
٧٣ ـ ٧٤ ـ (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) قال بعض أهل الكتاب لبعضهم : لا تفشوا أسراركم إلّا لأمثالكم ، ولا تركنوا لأحد إلا إذا كان على دينكم ، وهذا شأن الباطنية ، أما المسلمون السنة منهم والشيعة الإمامية فيعلنون الإسلام في الكتب والصحف ومن على المنابر والمآذن وشتى وسائل الإعلام (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) المراد بهدى الله الإيمان الصحيح الراسخ ، ومن هداه الله إلى هذا الإيمان فلن يرتد عنه حتى ولو قطّع بالمناشير ، بل لا يزيده ذلك إلّا إيمانا وتسليما. (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) هذه الجملة تتصل بقول بعض أهل الكتاب لبعضهم : ولا تؤمنوا إلّا لمن تبع دينكم ، وجملة أن الهدى هدى الله معترضة ، ويكون المعنى ولا تؤمنوا إلّا لمن تبع دينكم ، ولا تقروا بأن أحدا غيركم يمكن أن يؤتى مثل ما أوتيتم من الكتب المنزلة ، وإن أقررتم بأنه يمكن أن ينزل الكتاب من الله على غير اليهود والنصارى احتج عليكم المسلمون في الدنيا (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) في الآخرة أو فيهما معا ، ومعلوم أن «أو» تأتي للإباحة كجالس الحسن أو ابن سيرين (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) فيختار لنبوته ورسالته من هو جدير بها وكفء لها سواء أكان إسرائيليا أم عربيا.
٧٥ ـ (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ ...) أهل الكتاب على قسمين : وفيّ لا يستهين بأمانة ، وينزه نفسه عن