٤٣ ـ (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ) تعبدي لله (وَاسْجُدِي) قدم السجود على الركوع لا بقصد الترتيب كما يبدو ، لأن الواو العاطفة لمطلق الجمع سابقا أو لا حقا أو مصاحبا (وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) صلّى جماعة ومستقلة ، وفيه إيماء إلى جواز الجمع بين الرجال والنساء في العبادة والمعابد.
٤٤ ـ (ذلِكَ) إشارة إلى ما سبق من نبأ مريم وزكريا ويحيى (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) نلقنك إياه ليكون حجة لنبوتك على من أنكرها (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ) وهي السهام التي يستعملونها في القرعة.
(أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) لما كانت مريم منذورة لخدمة بيت المقدس اختلف الكهنة في كفالتها ، وأخيرا. اقترعوا فيما بينهم ، فخرج قلم زكريا زوج خالتها ، فتركوها له وبعد حين من الدهر جاءتها البشارة من الله تعالى.
٤٥ ـ (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) والكلمة هذه إشارة إلى قوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) بلا أب (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ولقب بالمسيح لأنه إذا مسح المريض شفاه الله من دائه (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا) بتقديس الناس وتعظيمهم له وفي (وَالْآخِرَةِ) بعلو الدرجات (وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) تعبير ثان عن قوله تعالى : (وَرافِعُكَ إِلَيَ)
٤٦ ـ (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ) مقر الصبي حين رضاعه ، وكان الهدف الأول من ذلك براءة أمه (وَكَهْلاً) أي يكلم الناس كهلا بكلام الأنبياء.
٤٧ ـ (قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) وأنت بذلك أدرى وأعلم (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) بسبب طبيعي أو بمجرد الإرادة وكلمة (كُنْ فَيَكُونُ) تماما كالخلق الأول.
٤٨ ـ (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ) كل كتاب منزل أو أن المراد بالكتاب هنا الكتابة باليد لمكان قوله تعالى : (وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) والحكمة : وضع الشيء في موضعه.
٤٩ ـ (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) بالخصوص دون غيرهم (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) الخطاب لقومه الإسرائيليين (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) أي أصور شيئا مثل صورة الطير (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ
____________________________________
الإعراب : (اسْمُهُ) مبتدأ ، و (الْمَسِيحُ) خبر ، والضمير في اسمه عائد على المعنى المراد بالكلمة ، وهو عيسى ، و (عِيسَى) اسم أعجمي ممنوع من الصرف ، وهو بدل من المسيح. ومصدقا مفعول لفعل محذوف ، أي وجئتكم مصدقا ، والجملة عطف على جملة جئتكم.