٣٧ ـ (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) قبل سبحانه النذر مع الأجر (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) كناية عن صلاح التربية والاستقامة (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) زوج خالتها (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ) موضع العبادة (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) لا يشبه أرزاق الدنيا (قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا) وما من أحد يراك غيري؟ (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فلا تستبعد (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير عد ووزن ، وأيضا من غير احتساب وترقب.
٣٨ ـ (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) لما رأى ما رأى من آيات ربه في مريم على صغر سنها تحركت في نفسه عاطفة الأبوية ، ورجا أن يكون له مثلها في الكرامة عند الله و (قالَ) زكريا على شيخوخته وعقم امرأته لم ييأس من رحمة الله (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) وهل في الكون كله من ثروة أعظم من نعمة الذرية الزاكية المباركة؟ أبدا إلا مرضاة الله سبحانه.
٣٩ ـ (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) والأصل ملائك فزيدت التاء للمبالغة أو على معنى الجماعة (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) صلاة خاشع متضرع (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى) اسم سماه الله به قبل أن يولد ، اختاره له إشعارا بأن الله يحيي الأرحام والعظام بعد موتها (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) وهي عيسى (وَسَيِّداً) يسود قومه علما وخلقا (وَحَصُوراً) لا يأتي النساء وإنها لرحمة يخص بها الله من يشاء (وَنَبِيًّا مِنَ) آبائه (الصَّالِحِينَ).
٤٠ ـ (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) أي عظمت قدرتك التي تخطت السنن والعادات بالمعجزات! (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) قيل كانت له ٩٩ سنة وقيل ١٢٠ (وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) لا تلد ، قيل : لها ثمان وتسعون سنة (قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ولا راد لمشيئته.
٤١ ـ (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) علامة أعرف بها وقت الحمل (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ) يعجز ، عن النطق معهم دون النطق بذكر الله (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) إشارة تماما كالأخرس (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) أيام عجزك عن النطق.
٤٢ ـ (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) خصك من دون نساء العالمين إطلاقا بالحمل والولادة من غير أب.