٢٤ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) استدلّ بهذه الآية علماء أصول الفقه ، على أن ظواهر القرآن أصل من أصول الشريعة ومصدر من مصادر الفقه ، وقال المفسرون : تأمرنا هذه الآية أن نتأمل معاني القرآن بروية ، ونتفهم ما يرمي إليه من أهداف ، ونتعظ بها ونعتبر ، وما من شك أن لهذه الآية العديد من الجوانب ، وقد اتجه كل فريق إلى الجانب الذي يخصه ويهتم به ، ونشير نحن إلى جانب آخر ، وهو أن من تدبر القرآن على حقيقته فإنه يؤمن به ويستجيب له ، لأنه يؤاخي العقل والفطرة ، ويدعو إلى حياة ، أكمل وأفضل ، ومن أعرض عنه أو استمع إليه دون أن ينتهي إلى هذا الإيمان فهو من المغلفة قلوبهم.
٢٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ...) من يتقلب في إيمانه وعقيدته تبعا لمطامعه ومصلحته فهو من حزب الشيطان ، وهذه الآية نزلت في المنافقين.
٢٦ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) الضمير للمنافقين (قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) وهم اليهود لأنهم أشد الناس كراهية للقرآن وأهله : (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) وخلاصة المعنى أن المنافقين قالوا لليهود : نحن معكم ضد محمد ، ونطيعكم ، في الكيد له والتآمر عليه.
٢٧ ـ ٢٨ ـ (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ) قبضت أرواحهم (الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) وهذا الضرب أقل من القليل بالنسبة إلى نار الجحيم.
٢٩ ـ (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...) أيظن المنافقون أن الله لن يكشف أمرهم ويفضحهم على رؤوس الأشهاد.
٣٠ ـ (وَلَوْ نَشاءُ) يا محمد (لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) لو شاء لأراك المنافقين بعلاماتهم الفارقة الواضحة ، ولكن الله ستر عليهم لحكمة هو أدرى بها (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فيما يبدو من فحوى كلامهم ويوحي به من خبث ولؤم.
٣١ ـ (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ) الله سبحانه يعلم الأتقياء والأشقياء ولكنه يعامل الناس معاملة المختبر بالأمر والنهي ، لتظهر الأفعال التي يستحق عليها الثواب والعقاب.
___________________________________
الإعراب : أم على قلوب «أم» منقطعة ومثلها أم حسب. الشيطان مبتدأ وجملة سول خبر ، والجملة من المبتدأ والخبر خبر ان الذين ارتدوا. (فَكَيْفَ) خبر لمبتدإ محذوف أي فكيف حالهم. ان لن «ان» مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي انه لن. فلعرفتهم عطف على لأريناكهم واللام في لعرفتهم واقعة في جواب لو وكررت في المعطوف للتأكيد. واللام في لنعرفنهم في جواب قسم محذوف.