أنتم شيئا (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) يأمر سبحانه العبد بالخير ، وينهاه عن الشر ، ويدعه وما يختار هو لنفسه ، فإن اختار الشر عامله بما يستحق ، وما ختم سبحانه على قلوب المنافقين إلا لأنهم تركوا الهدى واتبعوا الهوى بنص الآية (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) وإذا اختار العبد الخير أخذ الله بيده كما قال سبحانه بلا فاصل : ١٧ ـ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) زادهم سبحانه من الهدى وثبتهم عليه بعد علمه تعالى بالإخلاص وصدق النية. قال الإمام أمير المؤمنين (ع) : لو أن السموات والأرض كانتا على عبد رتقا ، ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) أجر تقواهم وثوابها.
١٨ ـ ١٩ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ) أبدا لا مفرّ من يومها وهمومها (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) قامت العلامات والإمارات على أن الساعة آتية لا ريب فيها تماما كالحياة والموت (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) لا شك أنهم حين يرون الساعة قائمة يتذكرون ويتعظون ويندمون ، ولكن حيث لا توبة تنفع ، ولا معذرة تدفع.
٢٠ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) وأخلصوا : (لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) بالقتال لنجاهد في سبيل الله (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) واضحة (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وهم المنافقون (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) انهارت أعصابهم ، ونظروا إلى النبي (ص) نظرة الحنق والهلع ، ومعنى الآية بمجموعها أن المؤمنين حقا يتمنون الجهاد ليفتدوا الإسلام بالمهج والأرواح ، أما المنافقون فيرونه كالموت (فَأَوْلى لَهُمْ) الويل لهم.
٢١ ـ (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) هذه جملة مستأنفة ، ومعناها طاعة الله وقول يقبله الرسول (ص) خير من النفاق والروغان (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) على الجهاد (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ضمير الجماعة في صدقوا للمنافقين ، والمعنى لو أن المنافقين تابوا إلى الله ، واستجابوا لدعوة الجهاد بإخلاص لكان خيرا لهم دنيا وآخرة.
٢٢ ـ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) هل يتوقع منكم أيها المنافقون (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) إن تسلطتم وملكتم القيادة إلا (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) هذا هو دأب الأشرار إذا حكموا ، يملئون الدنيا بغيا وفسادا وأهوالا شدادا ، وتاريخ البشرية أصدق شاهد.
٢٣ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) وملائكته ورسله والناس أجمعون.
___________________________________
الإعراب : والمصدر من أن تأتيهم بدل اشتمال من الساعة. و (بَغْتَةً) في موضع الحال أي مباغتة أو صفة لمفعول مطلق محذوف. (فَأَنَّى لَهُمْ) خبر مقدم وذكراهم مبتدأ مؤخر. وإذا جاءتهم جملة معترضة ، وفي جاء ضمير مستتر يعود الى الساعة ، والتقدير فأنّى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.