٣٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ...) كفروا بالحق وهو أظهر من وجودهم ، وأفسدوا في الأرض عن قصد وعمد ، وحاربوا الرسول بغيا وطغيانا كي يقضوا على رسالته ، ويصدوا الناس عن دعوته ، ولكن الله سبحانه أبطل أعمالهم وخيّب آمالهم.
٣٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) طاعة الرسول هي عين طاعة الله طردا وعكسا ، أما الطرد فلأنه متى وجدت إحدى الطاعتين وجدت الثانية ، وأما العكس فلأنه إذا انتفت هذه انتفت تلك ، ويجري هذا الطرد والعكس في الإيمان بالله والإيمان بالرسول (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) بالكفر بالله وبالرسول أو بالنفاق والرياء أو بالمن والأذى.
٣٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا ...) تقدم في الآية ١٦١ من البقرة وغيرها.
٣٥ ـ (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) أثبتت الحوادث والتجارب أن من وهن أمام عدوه فقد زوده بالسلاح الذي يقتله به (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) إذا كنتم قلبا واحدا ويدا واحدة على عدو الحق وعدوكم (وَاللهُ مَعَكُمْ) إذا أطعتموه ولبيتم دعوته إلى الجهاد بالنفس والنفيس (وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ) يتركم : من وتر إذا نقص ، والمعنى أية خسارة تلحق بكم في الجهاد فإن الله يعوضها أضعافا.
٣٦ ـ (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) والويل لمن انصرف إليها بكله وتورط في الشبهات والمحرمات وإلا فدين الله ودنياه شيء واحد (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) الغرض من الإيمان بالله أن نطيعه ونتقي معاصيه ، وبهذه التقوى نستحق الأجر والثواب وإلا فلا شيء للعصاة عند الله سبحانه إلا العذاب والنكبات (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) بالكامل أيها الأغنياء ، وإنما يسألكم أن تؤدوا الحق المفروض ، للفقراء ، وهو يسير وخفيف.
٣٧ ـ (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ) من الإحفاء ، وهو أشد الإلحاح في السؤال (تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) لو أن الله ، عظمت حكمته ، سأل الأغنياء أكثر من النصيب المفروض ، وألحّ عليهم في بذله لأمسكوا وحقدوا على الإسلام ونبيه.
٣٨ ـ (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) إشارة إلى الأغنياء (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) قال سبحانه «تدعون» ولم يقل نأمركم ، وكأنه يروّض من نفوس الأغنياء ، ويبعثهم على البذل عن طيب نفس ، وأوضح من هذه الآية في ذلك آيات الاستقراض الحسن (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) لأن البذل وقاية من النار وغضب الجبار ، وفي الحديث : حصنوا أموالكم بالزكاة (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) إن ملكت أيها الإنسان
___________________________________
الإعراب : (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) خبر ان الذين كفروا. و (تَدْعُوا) عطف على فلا تهنوا. والأعلون جمع الأعلى.