(رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً) الآن وكنتم في الدنيا بالعذاب تستعجلون ، وتقدم في الآية ١٠٠ من «المؤمنون» (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) ما يتذكر «ما» : مصدرية ظرفية ، ومن تذكر : العاقل المتذكر ، والمعنى أمهلناكم في دار الدنيا أمدا طويلا لكي تتذكروا وتتدبروا (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) يبيّن لكم الحق ويدعوكم إليه ، فأمهلتم وسوفتم (فَذُوقُوا) ما كنتم تكسبون ، وبه تكفرون ، ومنه تضحكون وفي نهج البلاغة : العمر الذي أعذر الله إلى بني آدم ستون سنة.
٣٨ ـ (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما في السرائر والضمائر ، وهو يجازي بموجب علمه تعالى كل عامل بما يستحق.
٣٩ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) يرثها جيل عن جيل ، ومنحكم العقل والحرية والقدرة على التحكم بها وبخيراتها ، وساوى بينكم في جميع الحقوق والواجبات ، ونهاكم عن البغي والفساد والمشاحنات ، فمن أحسن واتقى فله أجر كريم ، ومن أعرض ونأى فله عذاب الجحيم.
٤٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) احتج سبحانه في هذه الآية على المشركين بأمور ثلاثة (١) (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) لله آثار تدل على وجوده ونفي الشريك أيضا ، لأن القانون الذي يسيّر الذرة الصغيرة هو نفس القانون الذي يسيّر المجرات الكبيرة ، فهل للشريك المزعوم من آثار؟ وأين هي؟ (٢) (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) المراد بالشرك هنا النصيب والأثر ، والمعنى أيضا لا أثر للشريك في السماء (٣) (أَمْ آتَيْناهُمْ) أي أم أنزلنا على المشركين (كِتاباً) من السماء يقول : ان لله شركاء (بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) كان المستكبرون يقولون للمستضعفين ان الأصنام سوف يشفعون لكم غدا عند الله ، وما من شك أن هذا الوعد زور وغرور.
٤١ ـ (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) أمسك سبحانه الكواكب بقانون الجاذبية تماما كما سيّر الطائر بجناحيه ، وجعل الإنسان بصيرا بعقله وعينيه ، وحركه برجليه وتقدم في الآية ٦٥ من الحج.
___________________________________
الإعراب : (فَيَمُوتُوا) منصوب بأن مضمرة لأن الفعل وقع جوابا للنفي ، والمصدر المنسبك فاعل لفعل محذوف أي فيحصل لهم الموت. و (صالِحاً) صفة لمفعول محذوف أي عملا صالحا. وما يتذكر «ما» مصدرية ظرفية أي ألم نعمركم أمدا كافيا للتذكر. و (مَقْتاً) و (خَساراً) تمييز.