٤٢ ـ (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) جمع يمين ، وكان عتاة قريش قبل محمد (ص) يحلفون بالله ويبالغون في الحلف والأيمان (لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ) رسول من الله (لَيَكُونُنَّ أَهْدى) وأطوع له (مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) أي من أمة من الأمم أي من كل الأمم وأكثر منها انقيادا لأنبيائها (فَلَمَّا جاءَهُمْ) محمد رسولا من ربهم يتلو عليهم آياته ـ نفروا واستكبروا وبالغوا في حربه وإيذائه.
٤٣ ـ (اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) من سلّ سيف البغي قتل به ، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها ، والحقيقة النابعة من الحق والواقع لا تموت ، وإنما تموت الخرافات والأكاذيب ، ولذا نصر سبحانه عبده محمدا ، وأظهر دينه على الشرك كله (فَهَلْ يَنْظُرُونَ) وهم أعداء محمد (ص) والإسلام (إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) وهي هلاك من كذب أنبياء الله ورسله أو يخذل سبحانه المكذبين كما خذل عتاة الشرك حين استسلموا في النهاية لرسول الله صاغرين.
٤٤ ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) البغي والباغين وقرأت من جملة ما قرأت «أن قانون الفعل يقابله رد الفعل ، وأن هذا الرد يعم ويشمل الأشياء الطبيعية والحياة الاجتماعية» وهذا صحيح من غير شك ، لأن العلم رد فعل للجهل ، والإصلاح رد فعل للفساد تماما كالدواء بالنسبة إلى الداء ، وتقدم مرارا ، منها في الآية ١٠٩ من يوسف (وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ) لأنه قادر على كل شيء ، وإذا قدر غيره على شيء فإنه يعجز عن أكثر الأشياء.
٤٥ ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ...) جاء في الكتب الخاصة بأسمائه تعالى اسم الصبور وهو غير وارد في القرآن ، والفرق بينه وبين الحليم أن الصبور لا تؤمن العقوبة منه ، وصفة الحلم وحي بالعفو ، ومعنى صبره تعالى أنه لا يعجل لأنه لا يخشى الفوت ، وانه يحدد للعقوبة أجلا معيّنا لا تتقدم عليه ولا تتأخر عنه. وفي نهج البلاغة : الحذر الحذر ، فو الله لقد ستر حتى كأنه قد غفر ، وتقدم في الآية ٦١ من النحل.
___________________________________
الإعراب : وجهد مفعول مطلق لأقسموا لأنه مضاف إلى الايمان. واستكبارا مفعول من أجله ، ومكر السيء معطوف عليه. (قُوَّةً) تمييز. واللام في (لِيُعْجِزَهُ) لمجرد تأكيد النفي. ومن زائدة إعرابا وشيء فاعل يعجزه. والضمير في ظهرها يعود الى الأرض التي دل عليها سياق الكلام. و (مِنْ) زائدة و (دَابَّةٍ) مفعول ترك.