١١ ـ (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) قل لهؤلاء يا محمد : أنتم ميتون لا محالة ، وعند الموت تنكشف لكم الحقيقة. الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا.
١٢ ـ (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) حذّروا من عذاب الآخرة ، فسخروا وقهقهوا ، وحين عاينوا البعث وقاموا بين يدي الله للحساب والجزاء انهاروا وولهوا ، وقالوا خاضعين : (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا ...) الآن وقد فات ما فات ، وتقدم في الآية ٢٧ من الأنعام و ١٠٠ من «المؤمنين».
١٣ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) لو شاء سبحانه لألجؤهم إلى الاعتراف به وباليوم الآخر ، ولكن لا إيمان ولا مسؤولية مع إلجاء وإكراه ، وسبق منا القول أكثر من مرة أن الله سبحانه لا يتعامل مع عباده بإرادته الشخصية والتكوينية (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) الذين أفسدوا وتمادوا في الغي بملء اختيارهم وإرادتهم ، أما الذين استجابوا لربهم فلهم مغفرة وأجر كريم.
١٤ ـ (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) الذي كفرتم به ، وسخرتم منه (إِنَّا نَسِيناكُمْ) أهملناكم وحرمناكم من الأمان والرحمة.
١٥ ـ (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا) يصلّون ويسبّحون بدافع من التقوى والشعور بالواجب ... ومن الورع والتقوى أن نبتعد عن كل شر وباطل ، ونفعل الخير جاهدين ، ونتعاون على إقامة الحق متناصحين لا مستغلين ، وإلا فإن التقوى لا تتجزأ ، والخوف من الله في ردع النفس عن الهوى في إقامة الصلاة وكفى ... أبدا لا دين ولا إيمان لمن سكت عن الحق مهادنا أو مداهنا حتى ولو صلّى وصام ، فكيف إذا ظلم أو أعان على الشر والبغي؟ ويجب السجود عند تلاوة هذه الآية أو الاستماع إليها.
١٦ ـ (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) يتركون بالليل فراشهم إلى ما هو أهم وأفضل (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً) من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة (وَطَمَعاً) في ثواب الله الذي لا يناله إطلاقا إلا الذين تواصوا بالحق وبه يعملون بنص سورة العصر (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فكيف بالذين سرقوا أموال المعذبين والمشردين ، وهم متخمون؟.
١٧ ـ (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) أبدا ، لا أحد يعلم ما أعد الله من تقدير للذين تنزهت نفوسهم عن الحرام ، وكملت بأداء الواجب ، لأن هذا التقدير فوق التصور ... هذا هو هدي القرآن أيها الداعون إليه.
١٨ ـ (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) يعرف ما له وما عليه ، ويشعر بالواجب والمسئولية عن حق الله وحقوق الآخرين ، ويعلم علم اليقين أنه محاسب أمام الله والضمير وأمام المجتمع